قال المعترض: يقول تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} [الأنبياء: ٩٨].
قال مفسرو المسلمين: إن محمدًا لما تلا هذه الآية، سأله عبد الله بن الزبعرى: ألم تقل إن اليهود عبدوا عزيرًا، والنصارى عبدوا المسيح، وبني مليح عبدوا الملائكة، والصابئين الكواكب؟ فهل هؤلاء وقود النار؟ (الرازي في تفسير هذه الآية)
وقد اعتذر الرازي عن ذلك بقوله: إنه كان يخاطب العرب فقط بدليل قوله: {إِنَّكُمْ} ولكن القرآن في مواضع كثيرة استخدم نفس اللفظ للجميع، فقال في سورة مريم:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١]، فهل يعني العرب فقط؟ ثم إن العرب كانوا يعبدون الشمس والقمر والكواكب والنجوم، فهل كل هذه في النار؟ .
وقد اعتذر الرازي بقوله: إن لفظ (ما) تستخدم لغير العاقل، نقول جاء في القرآن: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧، ٨]، فهل (ما) هنا لغير العاقل؟ .
والجواب عن ذلك من وجهين:
الوجه الأول: تحقيق الرواية المذكورة عن ابن الزبعري.
الوجه الثاني: الرد على الاعتراض.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: تحقيق الرواية.]
وردت هذه الرواية من أربعة طرق عن ابن عباس:
الأولى: من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي رزين عن أبي يحيى عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: آيَةٌ فِي كِتَابِ الله - عز وجل - لا يَسْأَلُنِي النَّاسُ عَنْهَا وَلَا أَدْرِي، أَعَرَفُوهَا فَلَا يَسْأَلُونِي عَنْهَا أَمْ جَهِلُوهَا فَلَا يَسْأَلُونِي عَنْهَا؟ قِيلَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: آيَةٌ لمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى