للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} فإن كمال الدين لا يكون إلا بالتبليغ لجميع أحكامه، وما أوحى الله إليه من كتاب وسنة، وعصمته في هذا البلاغ. (١)

ثانيًا: من السنة. (٢)

الدلائل على صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يخبر به عن الله تعالى من الوحي وعصمته فيه من خلال السنة والسيرة كثيرة منها:

الدليل الأول: حاله - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة، فصدقه - صلى الله عليه وسلم - مع الناس دليل على صدقه فيما يخبر به عن ربه؛ إذ لا يترك إنسان الكذب على الناس ثم يكذب على الله تعالى.

وهذا القياس العقلي قد استخدمه هرقل، وهو يسأل أبا سفيان بن حرب أثناء رحلة تجارية بالشام، عن أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفاته فكان مما سأل عنه: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان، قلت: لا (٣).

فاستخلص هرقل النتيجة المنطقية لهذا، وهي أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - صادق في دعواه الرسالة، وفى كل ما يخبر به عن الله تعالى قائلًا: إنه لم يكن ليذر الكذب على الناس، ويكذب على الله. وقد شهد له - صلى الله عليه وسلم - بالصدق، الأعداء والأصدقاء على السواء.

فمن شهادات الأعداء ما يلي:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ المخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ "يَا صَبَاحَاهْ". فَقَالُوا: مَنْ هَذَا، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الجبَلِ أَكُنْتُمْ


(١) رد شبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ١/ ٣٩٤ - ٤٠٩، حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته في ضوء الكتاب والسنة ١/ ١٣٠ باختصار.
(٢) رد شبهات حول عصمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ١/ ٤١٦، حقوق النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته في ضوء الكتاب والسنة ١/ ١٣٢ باختصار.
(٣) جزء من حديث أخرجه البخاري (٦)، مسلم (١٧٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>