للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: قدَّر لكل بلدة ما لم يجعله في الأخرى كما أنَّ ثياب اليمن لا تصلح إلا بـ (اليمن) والهرويَّة بـ (هراة) ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة؛ قاله عكرمة، والضحاك.

والخامس: قدَّر البُرَّ لأهل قُطْرٍ، والتَّمْر لأهل قُطْرٍ، والذُّرَة لأهل قُطْرٍ؛ قاله ابن السائب.

وقوله تعالى: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} أي: في تتمة أربعة أيّام، قال الأخفش: ومثله أن تقول: تزوجت أمسِ امرأة، واليومَ ثنتين، وإحداهما التي تزوجتها أمس.

قوله تعالى: {سَوَاءً} قرأ أبو جعفر: {سَوَاءً} بالرفع، وقرأ يعقوب، وعبد الوارث: "سواءٍ" بالجر، وقرأ الباقون من العشرة: بالنصب. قال الزجاج: من قرأ بالخفض، جعل (سواءٍ) من صفة الأيّام فالمعنى: في أربعة أيّامٍ مستوِياتٍ تامَّاتٍ، ومن نصب فعلى المصدر؛ فالمعنى: استوت سواءً واستواءً، ومن رفع فعلى معنى: هي سواءٌ (١).

قال الطبري: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن اللَّه تعالى أخبر أنه قدَّر في الأرض أقوات أهلها، وذلك ما يقوتهم من الغذاء، ويصلحهم من المعاش، ولم يخصص جلَّ ثناؤه بقوله: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} أنه قدَّر قوتًا دون قوت، بل عم الخبر عن تقديره فيها جميع الأقوات، ومما يقوت أهلها ما لا يصلحهم غيره من الغذاء، وذلك لا يكون إلا بالمطر والتَّصَرُّف في البلاد لما خصَّ به بعضًا دون بعض، ومما أخرج من الجبال من الجواهر، ومن البحر من المآكل والحليِّ، ولا قول في ذلك أصح مما قال جلَّ ثناؤه: قدَّر في الأرض أقوات أهلها، لما وصفنا من العلة (٢).

[الوجه السادس: حقائق القرآن تتحدث عن نشأة الكون.]

هناك مراحل لنشوء الكون، ولكن نتوقف قليلًا لكي نقارن بين الحقائق المذكورة في الآيات القرآنية مع ما توصل إليه العلماء من حقائق.

١ - قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}.


(١) زاد المسير ٧/ ٢٤٢ (فصلت: ٩).
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٨٧ (فصلت: ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>