للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدل القصة عليه؛ لأن تمام القصة بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "وإني لست أحرم حلالًا؛ ولا أحل حرامًا، ولكن واللَّه لا تجتمع بنت رسول اللَّه وبنت عدو اللَّه مكانًا واحدًا أبدًا". (١)

فهذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المبلغ عن اللَّه، والذي كلمته الفصل في بيان الحلال والحرام؛ يصرح باللفظ العربي المبين في أدق حادث يمس أحب الناس إليه وهي ابنته الكريمة السيدة الزهراء بأنه لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا، ولكن يستنكر أن تجتمع بنت رسول اللَّه وبنت عدو اللَّه في مكان واحد.

قال الشيخ أحمد شاكر: وعندي وفي فهمي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يمنع عليًا من الجمع بين ابنته وبنت أبي جهل بوصفه رسولًا مُبلّغًا عن ربه حكمًا شرعيًا بدلالة تصريحه بأنه لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا، وإنما منعه منه منعًا شخصيًا؛ بوصفه رئيس الأسرة التي فيها عليّ ابن عمه وفاطمة ابنته؛ بدلالة أن أسرة بنت أبي جهل هي التي جاءت تستأذنه فيما طلب إليهم عليّ -رضي اللَّه عنه-، وكلمة رئيس الأسرة مطاعة وخصوصًا إذا كان هذا الرئيس هو سيد قريش وسيد العرب وسيد الخلق أجمعين (٢).

[المبحث الرابع: تعدد الزوجات في اليهودية والنصرانية.]

[تعدد الزوجات في اليهودية.]

لقد جاءت التوراة مبيحة تعدد الزوجات دون أن تحدد عددًا معينًا، وكانت تذكر الأنبياء الذين عددوا الزوجات من غير قدر محدود كما تذكر غيرهم (٣).

ففي سفر اللاويين (١٨/ ١٨): وَلَا تَأْخُذِ امْرَأَة عَلَى أُخْتِهَا لِلضِّرِّ لِتَكْشِفَ عَوْرَتهَا مَعَهَا فِي حَيَاتِهَا.


(١) روى البخاري في صحيحه (٣١١٠) عن المسور بن مخرمة: أن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- خطب ابنة أبي جهل على فاطمة -رضي اللَّه عنها- فسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ المحتلم فقال: "إن فاطمة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها. . . وإني لست أحرم حلالًا ولا أحلل حرامًا ولكن واللَّه لا تجتمع بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع بنت عدو اللَّه أبدًا".
(٢) عمدة التفسير لأحمد شاكر آية: ٣ من سورة النساء، وانظر: جامع أحكام النساء للعدوي ٣/ ٤٥٠.
(٣) المرأة ومكانتها في الإسلام (١٥٧) نقلًا عن تعدد الزوجات في الأديان (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>