للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى هذا الكلام أن التعدد ليس حرامًا، ولكن المحرم هو أن يتزوج الرجل شقيقة زوجته أثناء حياتها معه في عصمته.

ثم هذه التوراة نفسها، تقول: إن النبي داود كان له تسع وتسعون زوجة من الحرائر وثلاثمائة من الجواري، وكان لعيسى بن إسحاق أكثر من زوجة كما في التوراة: فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَأَخَذَ مَحْلَةَ بِنْتَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أُخْتَ نَبَايُوتَ، زَوْجَةً لَهُ عَلَى نِسَائِهِ. (التكوين ٢٨/ ٩).

وفي التوراة كذلك أن سيدنا سليمان -عليه السلام- كان له أكثر من زوجة: وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلَاثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ (الملوك الأولى ١١/ ٣)

وعلى هذا فتعدد الزوجات في الشرائع السابقة كان موجودًا، ولما بعث اللَّه موسى -عليه السلام- أقر بتعدد الزوجات بدون أن يحدد للرجل عددهن، حتى قرر بنو التلمود تحديد الزوجات؛ إلا أن بعض علماء بني إسرائيل منعوه وبعضهم أباحه، وتعللوا في ذلك إذا كانت الزوجة مريضة أو عقيمة أو للخيانة وغير ذلك وعلمًا بأن التلمود عند اليهود أباح تعدد الزوجات ولكن قيده بعدد محدد ومعين. (١)

ولقد جاء في التوراة ما يثبت هذا التعدد في نساء أعظم أنبيائهم وملوكهم كداود -عليه السلام- حيث تقول: فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: "أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، (صموئيل الثاني ١٢/ ٧).

ثم وبخه على قتله لأوريا الحثي وأخذ زوجته فقال: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ (صموئيل الثاني ١٢/ ٧).

وبهذا نرى أن تعدد الزوجات كان شائعًا ومنتشرًا عند اليهود من غير نكير، ولقد ظل اليهود طيلة العصور الوسطى يجمعون بين عدة زوجات؛ حتى منع الأحبار الربانيون تعدد


(١) المرأة ومكانتها في الإسلام لأحمد عبد العزيز (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>