للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يخالفه، ولعل المجمع مخطئ في ذلك التحريم، وآثم في ذلك التحريق بل إن المجامع العامة من بعده قد خطأته، فأعادت إلى حظيرة التقديس كتبا حرمها، وأخرجت من البلى كتبا حرقها، قد حرم كتبا من العهد القديم، ولم يعترف بها فاعترفت بها المجامع المسيحية من بعده، وحرم مكن كتب النصارى المعتبرة الآن: رسالة بولس إلى العبرانيين، والرسالة الثانية لبطرس، والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا ورسالة يعقوب ورسالة يهوذا، ومشاهدات يوحنا، ولكن المجامع من بعده أقرته، وأجمعت عليها. (١)

وهذا في حدّ ذاته دليل على التحريف، إذ لو كان المجمع معصوما لما أضيف إليه، ولما خطئ في بعض القرارات. (٢)

[بقاء فكرة الوحدانية]

ومع أن المجمع قد عقد وتم فيه ما تم إلا أن فكرة الوحدانية لم تمت ولم يقض عليها تماما، والدليل على ذلك أن ابن البطريق يذكر أن "أوسابيوس" أسقف نيقومدية كان موحدًا ومن أنصار آريوس في المجمع العام، إلا أنَّه دخل مع الذين قالوا بألوهية المسيح حتى يتقرب إلى السلطان ويستطيع أن يقنعه بالتوحيد.

ولما انعقد الاجتماع الإقليمي في صور وحضره هو وبطريرك الإسكندرية، انتهز أوسابيوس هذه الفرصة وأثار مرة أخرى مقولة آريوس، وكان في هذا المجمع كثير من الموحدين المتمسكين به، واشتد النقاش القولي بينهم إلى أن تطور إلى الضرب بالأيدي.

ونستنتج من ذلك أن فكرة ألوهية المسيح هي العارضة، والأصل هو التوحيد وأيضًا كان قسطنطين يشجع دائمًا المخالفين للتوحيد، وإن كان لا يظهر السخط على غيرهم أحيانًا، وأيضًا اتضح لنا أن مجمع صور كان يخالف كل المخالفة ما تقرر في مجمع نيقية، وأن موطن الدعاية لألوهية المسيح كان كنيسة الإسكندرية وحدها، فهي التي حاربت


(١) محاضرات في النصرانية (١٤٤ - ١٤٥).
(٢) تأثر المسيحية بالأديان الوضعية (٢٧٥ - ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>