للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن بعض أهل الكتاب. فمثل هذا التفسير، وكذلك قول الصحابي عمومًا، إذا لم يدخل في الاجتهاد، يقولون: إن له حكم الرفع. (١)

ومثالُ المرفوعِ مِن القولِ حُكْمًا لا تَصْريحًا أَنْ يقولَ الصَّحابيُّ - الَّذي لم يأْخُذْ عَنِ الإِسرائيليَّاتِ - ما لا مجالَ للاجْتِهادِ فيهِ، ولا لهُ تعلُّقٌ ببيانِ لُغةٍ أَو شرحِ غريبٍ؛ كالإِخْبارِ عنِ الأمورِ الماضيةِ مِن بَدْءِ الخَلْقِ وأَخْبارِ الأنبياءِ - عليهم الصلاة والسلام - أَو الآتيةِ كالملاحمِ والفِتَنِ وأَحوالِ يومِ القيامةِ (٢).

إذن المعتبر قولهم فرادى أو إجماعًا ويحتج به في الأمور الغيبية هم الصحابة للسبب السالف ذكره بالقيد السالف ذكره أيضًا، وهو أن لا يكون معروفًا بالأخذ عن بني إسرائيل، أما من دونهم فلا يعتبر قولهم في الغيبيات وإن أجمعوا لسببين:

أ - أن صلتهم بمصدر الغيب منقطعة.

ب - أنه كثر فيهم الأخذ عن بني إسرائيل.

إذن فبحث الإجماع سيكون في الطبقة التي يعتد بقولهم وإخبارهم عن الغيبيات مما لم يرفع تصريحًا. فنقول مستعينين بالله:

[الوجه الرابع: وهل سماه القرآن أو سمته السنة؟]

كما أسلفنا أن الأدلة المعتبرة لا بد أن تقوم على نصٍّ من القرآن أو السنة أو من كليهما معًا، والقرآن الكريم لم يسم الملك الذي حاج إبراهيم في ربه ولا سمته السنة؛ لأن قصد القرآن من القَصص هو مضمون المحاجّة، والعبرة منها. واسم الملك لا يقدم ولا يؤخر في المضمون والعِبرة. أما تسمية هذا الملك - الذي حاجّه إبراهيم - بـ (النّمروذ) والاختلاف في نطق اسمه، ومدة ملكه، فجميعها قصص تاريخي، أورده المفسرون. فهو غير مُلْزِمٍ للقرآن الكريم. ومن ثَمَّ لا يصح أن يورد ذلك كشبهة تثار ضد القرآن. فليس لدينا في


(١) شرح اختصار علوم الحديث (١/ ١٢٦) بتصرفٍ.
(٢) نُزْهَةُ النظَر (١/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>