للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الأول: أن ما استندوا إليه مخالف لما في الصحيح الثابت.]

قال ابن حجر: وَظَاهِر حَدِيث زَيْد بْن ثَابِت هَذَا أَنَّهُ فَقَدَ آيَة الْأَحْزَاب مِنْ الصُّحُف الَّتِي كَانَ نَسَخَهَا فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر حَتَّى وَجَدَهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِت.

وَوَقَعَ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مَجْمَع عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّ فَقْده إِيَّاهَا إِنَّمَا كَانَ فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر، وَهُوَ وَهْم مِنْهُ، وَالصَّحِيح مَا فِي الصَّحِيح وَأَنَّ الَّذِي فَقَدَهُ فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر الْآيَتَانِ مِنْ آخِر بَرَاءَة، وَأَمَّا الَّتِي فِي الْأَحْزَاب فَفَقَدَهَا لمَّا كَتَبَ الْمُصْحَف فِي خِلَافَة عُثْمَان، وَجَزَمَ اِبْن كَثِير بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَجْمَع (١)، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالله أَعْلَم. (٢)

قال ابن الملقن: آية التوبة وجدها أيام الصديق، وأن آية الأحزاب وجدها أيام عثمان كما صرح به أحمد بن خالد في مسنده وغيره. (٣)

قال االقرطبي: فسقطت الآية الأولى من آخر "براءة" في الجمع الأول، على ما قاله البخاري والترمذي، وفي الجمع الثاني فقدت آية من سورة "الأحزاب".

وحكى الطبري: أن آية براءة سقطت في الجمع الأخير، والأول أصح والله أعلم. (٤)

[الوجه الثاني: الحديث فيه ما يدل على أنها كانت في جمع عثمان.]

ومما يدل على أن فقدها كان في جمع عثمان قوله في الحديث: قَالَ نَسَخْتُ الصُّحُفَ في الْمَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا. (٥)

وأيام الصديق - رضي الله عنه - لم تكن صحف مجموعة؛ إنما كانت في خلافة عثمان - رضي الله عنه -.

ثم طول العهد بين جمع الصديق وجمع عثمان وفي هذه المدة كانت الصحف تنقل من


(١) قال ابن كثير: وأما ما رواه الزهري عن خارجة عن أبيه في شأن آية الأحزاب وإلحاقهم إياها في سورتها فذكره لهذا بعد جمع عثمان فيه نظر. وإنما هذا كان حال جمع الصديق الصحف. فضائل القرآن (٥٠).
(٢) فتح الباري ٨/ ٦٣٨.
(٣) التوضيح شرح الجامع الصحيح ٢٢/ ٤٣٧، فتح الباري ٨/ ٦٣٨.
(٤) تفسير القرطبي ١/ ٦٩.
(٥) البخاري (٢٨٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>