للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله خلقك وقد أضلك ثم يدخلك النار، أما والله لولا عهد لك لضربت عنقك، إن الله - عز وجل - خلق أهل الجنة وما هم عاملون، وخلق أهل النار وما هم عاملون، فقال: هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه، قال: فتفرق الناس وما يختلفون في القدر (١).

[حاجة المؤمن للهداية]

قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)} [المائدة: ١٦] أمر سبحانه عباده كلهم أن يسألوه هدايتهم الصراط المستقيم كل يوم وليلة في الصلوات الخمس، وذلك يتضمن الهداية إلى الصراط والهداية فيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولما كان العبد في كل حال مفتقرًا إلى هذه الهداية في جميع ما يأتيه ويذره من أمور قد أتاها على غير الهداية فهو محتاج إلى التوبة منها وأمور هُدِيَ إلى أصلها دون تفصيلها أو هدي إليها من وجه دون وجه، فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها ليزداد هدىً، وأمور هو محتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي، وأمور هو خالٍ عن اعتقاد فيها فهو محتاج إلى الهداية، وأمور لم يفعلها فهو محتاج إلى فعلها على وجه الهداية، إلى غير ذلك من أنواع الهدايات فرض الله عليه أن يسأله هذه الهداية في أفضل أحواله وهي الصلاة مرات متعددة في اليوم والليلة (٢).

{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧) قال ابن كثير: أي: والذين قصدوا الهداية وفقهم الله لها فهداهم إليها، وثبتهم عليها وزادهم منها وألهمهم رشدهم (٣).

{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} فالهداية هي البيان والدلالة، ثم التوفيق والإلهام وهو بعد البيان والدلالة، ولا سبيل إلى البيان والدلالة إلا من جهة الرسل، فإذا حصل البيان


(١) شفاء الغليل لابن القيم (١٧٤: ١٧٨).
(٢) شفاء العليل (١٧٢).
(٣) تفسير ابن كثير ٤/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>