للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرازي: قال في الخمر لذة للشاربين: لأن اللذة تختلف باختلاف الأشخاص فرب طعام يلتذ به شخص ويعافه الآخر فقال: {لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} بأسرهم، ولأن الخمر كريهة الطعم: فقال لذة أي لا يكون في خمر الآخرة كراهة الطعم. (١)

قال ابن كثير: في قوله: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}، أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا، بل حسنة المنظر والفعل والرائحة (٢).

قال ابن عاشور: فوصف خمر هنا بأنها لذة معناه يجد شاربها لذاذة في طعمها أي بخلاف خمر الدنيا فإنها حريقة الطعم؛ فلولا ترقب ما تفعله في الشارب من نشوة وطرب لما شربها لحموض طعمها (٣).

[الوجه الحادي عشر: أثر شرب الخمر في الجاهلية, وفي المجتمع الغربي.]

[الجاهلية والخمر.]

كان شرب الخمر واسع الشيوع شديد الرسوخ فيهم تتحدث عن معاقرتها والاجتماع على شربها الشعراء، وشغلت جانبًا كبيرًا من شعرهم وتاريخهم وأدبهم، وكثرت أسمائها وصفاتها في لغتهم وكثر فيها التدقيق والتفصيل كثرة تدعو إلى العجب. وكانت حوانيت الخمارين مفتوحة دائمًا يرفرف عليها علم يسمى غاية.

يقول لبيد:

قد بت سامرها وغاية تاجر ... وافيت إذ رفعت وعز مدامها

وكان من شيوع تجارة الخمر أن أصبحت كلمة التجارة مرادفة لبيع الخمر، كما قال لبيد: وغاية تاجر.

وقال عمرو بن قميئة:


(١) تفسير الرازي (٢٨/ ٥٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٢٦).
(٣) التحرير والتنوير (٢٦/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>