للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الأول: تعيين الذبيح من ولدي إبراهيم عليه السلام.]

[الوجه الأول: أهمية هذا الموضوع.]

[١ - مكانتها العظمى في ملتنا]

وبيان ذلك أن الله تعالى إنما اصطفي إبراهيم عليه السلام، وجعله إمامًا للناس بعد ما ابتلاه في إسلامه، ووجده كاملًا فيه، والقرآن قد دل على ذلك تصريحًا وتلويحًا في مواضع:

فمنها: قوله سبحانه: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (البقرة: ١٢٤)، وبقوله سبحانه: {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (البقرة ١٣١: ١٣٠)، ثم دل على حقيقة هذا الإسلام وتمام هذا الامتحان بقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (الصافات: ١٠٣).

وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه حين بناء الكعبة أن يبعث من ذريته التي أسكنها بهذا البلد أمة تحمل هذه الشريعة التي هي حقيقة الإسلام وكماله، وكذلك دعا أن يبعث منهم رسولًا يعلمهم، كما قال سبحانه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧)} (البقرة: ١٢٧)، وقد استجاب الله دعاءه فأخرج هذه الأمة، وبعث هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فقد تبين أن هذا الإسلام التام هو حقيقة ملة إبراهيم عليه السلام التي بعث الله نبينا لتكميلها وتفصيل شرائعها، وسماها الإسلام، وحامليها المسلمين الذين بعثهم من ذرية إسماعيل عليه السلام التي أسكنها عند بيته المحرم الذي جعله مركزًا للدين الحنيفي الفطري القيم.

فمن زعم أن هذا الابتلاء وقع على جبل أورشليم، وقرب عليه إسحاق عليه السلام كان في غطاء كثيف عن حقيقة هذه البعثة العظمي، وحقيقة هذا الذبح ومكانته في ملتنا.

[٢ - أن اليهود يتعالون على غيرهم متكبرين ومتفاخرين، معلنين أنهم شعب الله المختار]

اعتقادًا منهم أنهم قد تميزوا دون غيرهم واختصوا وحدهم بميراث الخليل إبراهيم عليه السلام، زاعمين أنهم ينتسبون إليه، ويرجعون إلى دينه في كل أمورهم، وقد بين القرآن الكريم بطلان ذلك، وأعلن عدم استحقاق شرف الانتماء إليه، ومن زعم زعمهم

<<  <  ج: ص:  >  >>