للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الأول: المقدمة مع أدلة إثبات التحريف اللفظي والمعنوي للتوراة والإنجيل من القرآن، والسنة، وأقوال العلماء في ذلك.]

[بداية: ننبه على بعض الأمور في هذا الصدد]

الأمر الأول: لقد شهد القرآن الكريم، وشهدت السنة المطهرة على وقوع التحريف في أسفار السابقين بتغيير الألفاظ بالحذف والإضافة كقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)} [البقرة: ٧٩] وبتغير المعاني بتأويلها وتفسيرها علي غير معناها.

الأمر الثاني: لقد كثر كلام النصارى حول صحة نسخة التوراة والإنجيل التي كانت إبان البعثة النبوية لمحمد صلى الله عليه وسلم - والنصارى يقصدون من وراء ذلك: إقرار الإسلام لهم على صحة دينهم كله لا صحة كتبهم فقط. لكن اعلم أيها القارئ أن ثمة فرقٌ بين صحة الدين وصحة الكتب. فقد يكون الكتاب صحيح اللفظ لكن محرف المعنى، فلا يغني عنهم من الله شيئًا. ولذلك كان الأولى عندنا في هذا المقام هو تحريف المعاني لا تحريف الألفاظ، لأنه الخطوة الأولى المؤهلة لتحريف الألفاظ، وهو الدليل على بطلان الدين، ولذلك كان أكثر ما عاب القرآن الكريم على أهل الكتاب أنهم حرفوا المعاني وبدلوها، ثم تبع ذلك تجرؤهم على تحريف الألفاظ لما سهل عليهم تحريف المعنى كخطوة أولى.

الأمر الثالث: إن تحريف أهل الكتاب لمعاني التوراة والإنجيل لا خلاف عليه بين علماء المسلمين.

وهو الذي تقوم به الحجة عليهم في هذا المقام. ولا ينفعهم عدم تحريف اللفظ لو فرضنا ذلك.

قال ابن تيمية: فأما تحريف معاني الكتب بالتفسير والتأويل وتبديل أحكامها، فجميع المسلمين واليهود والنصارى يشهدون عليهم بتحريفها وتبديلها، كما يشهدون هم والمسلمون على اليهود بتحريف كثير من معاني التوراة وتبديل أحكامها، وإن كانوا هم واليهود يقولون: إن التوراة لم تحرف ألفاظها. وحينئذ فلا ينفعهم بقاء حروف الكتب عندهم مع تحريف معانيها، إلا كما ينفع اليهود بقاء حروف التوراة والنبوات عندهم مع تحريف معانيها. بل جميع النبوات التي يقرون بها هي عند اليهود، وهم مع اليهود ينفون

<<  <  ج: ص:  >  >>