للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: الآية تتناول المدخول بها.]

قال ابن تيمية: فقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} يتناول كل من دخل بها من النساء؛ فإنه أمر بأن يعطى جميع الصداق بخلاف المطلقة قبل الدخول التي لم يستمتع بها فإنها لا تستحق إلا نصفه. وهذا كقوله سبحانه وتعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١)} (النساء: ٢١)؛ فجعل الإفضاء مع العقد موجبًا لاستقرار الصداق يبين ذلك أنه ليس لتخصيص النكاح المؤقت بإعطاء الأجر فيه دون النكاح المؤبد معنًى، بل إعطاء الصداق كاملًا في المؤبد أولى، فلا بد أن تدل الآية على المؤبد إما بطريق التخصيص وإما بطريق العموم. يدل على ذلك أنه ذكر بعد هذا نكاح الإماء، فعلم أن ما ذكر كالثاني نكاح الحرائر مطلقًا (١).

[الوجه الثاني: الآية فيها تأكيد المهر بعد الاستمتاع وعدم قابليته للسقوط بعد هذا الاستمتاع.]

إن المقصود بالاستمتاع في سياق الآية الكريمة هو الاستمتاع بالزوجة المعقود عليها نكاحًا صحيحًا مشروعًا دائمًا؛ وإنما أورده اللَّه تعالى هنا للدلالة على تأكيد المهر بعد الاستمتاع وعدم قابليته للسقوط بعد هذا الاستمتاع، إذ من المعلوم أن عقد الزواج وإن كان يثبت به المهر كاملًا، أثر إبرامه، وتستحقه الزوجة بنفس العقد، غير أنه يثبت ثبوتًا قابلًا لسقوط بعضه، كالطلاق قبل الدخول مثلًا حيث يثبت نصفه فقط، أما بعد الاستمتاع بالزوجة فيتأكد المهر كاملًا ويصبح العقد غير قابل لأن يسقط شيء منه.

فالآية الكريمة: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} تفيد أن المهر يتأكد وجوبه كاملًا بالاستمتاع، لا بعقد الزواج وحده؛ لأنه عرضة لأن يسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول


(١) منهاج السنة النبوية (٤/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>