للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - شبهة: ادعاؤهم: اعتراض الملائكة على الله تعالى.]

[نص الشبهة]

يقول المعترض: قال الله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} [البقرة: ٣٠].

تقول هذه العبارة: إن الله استشار الملائكة قبل خلق آدم فاعترضوا عليه، وهو غير معقول؛ فإن الله غني عن ذلك، يَا لَعُمْقِ غِنَى الله وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! "لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟ أَوْ مَنْ سَبَقَ فَأَعْطَاهُ فَيُكَافَأَ؟ ". لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. (رومية ١١/ ٣٣ - ٣٦). فالله غني عن الاستشارة؛ لأنه عالم بكل شيء.

ويعلمنا كتاب الله أن الملائكة هم عباده المعصومون عن الخطأ والزلل، أما عبارة القرآن فتفيد أن الملائكة اقترفوا أربع معاصٍ وهي:

١ - اقترفوا الغيبة في حق من يجعله الله خليفة بأن ذكروا عيوبه.

٢ - في كلامهم العُجب وذكر محاسن النفس.

٣ - قالوا ما قالوه من نسبة الإفساد والسفك رجمًا بالظن، وإلا شاركوا الله في علم الغيب.

٤ - فيه إنكار على الله فيما يفعله وهو من أعظم المعاصي (١).

ولما رأى علماء المسلمين هذا الخطأ في القرآن قسموا الملائكة إلى قسمين: قسم في السماء وقسم في الأرض، وقالوا: إن الذين في الأرض هم الجن وقد أفسدوا، فإذا سلمنا بصدق قولهم فلا يصح أن الله يستشيرهم.

ولما رأوا أنه لا يجوز أن يتصف الملائكة بعلم الغيب قالوا: إن الله أخبرهم بما سيكون من بني آدم من سفك الدماء، أو أنهم رأوا أن آدم خلق من أخلاط مركبة علموا أنه يكون


(١) الرازي في تفسير البقرة (٢/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>