للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرطوبات والفضلات، واحتقان الدم أولى، وهذا في غاية القوة، فالمصير إليه أولى.

وأول من حفظ عنه في الإسلام أنه تكلم بهذه اللفظة فقال: ما لا نفس له سائلة إبراهيم النخعي: وعنه تلقاها الفقهاء - والنفس في اللغة: يعبر بها عن الدم، ومنه نَفَست المرأة -بفتح النون- إذا حاضت، ونُفست -بضمها- إذا ولدت.

وأما المعنى الطبي، فقال أبو عبيد: معنى امقلوه: اغمسوه، ليخرج الشفاء منه كما خرج الداء، يقال للرجلين: هما يتماقلان إذا تغاطا في الماء.

واعلم أن في الذباب عندهم قوة سمية يدل عليها الورم والحكة العارضة عن لسعه، وهي بمنزلة السلاح، فإذا سقط فيما يؤذيه اتقاه بسلاحه؛ فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقابل تلك السمية بما أودعه الله سبحانه في جناحه الآخر من الشفاء، فيغمس كله في الماء والطعام فيقابل المادة السمية المادة النافعة فيزول ضررها.

وهذا طب لا يهتدي إليه كبار الأطباء وأئمتهم، بل هو خارج من مشكاة النبوة، ومع هذا فالطبيب العالم العارف الموفق، يخضع لهذا العلاج، ويقر لمن جاء به، بأنه أكمل الخلق على الإطلاق، وأنه مؤيد بوحي إلهي خارج عن القوى البشرية.

وقد ذكر غير واحد من الأطباء أن لسع الزنبور والعقرب إذا دلك موضعه بالذباب نفع منه نفعًا بينًا وسكّنه، وما ذاك إلا للمادة التي فيه من الشفاء، وإذا دلك به الورم الذي يخرج في شعر العين المسمى شعرة بعد قطع رؤوس الذباب أبرأه). (١)

[وهذه أقوال أهل الطب: -]

١ - أوضح الدكتور (معتز المرزوقي) أن حديث الذباب يتضمن معجزتين علميتين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إحداهما: وجود الميكروب في جانب من الذبابة، ووجود المضاد الحيوي (antibiotic) في الجانب الآخر؛ على اعتبار أن الجناح في اللغة يدل على الميل أو الجانب، ويؤيده قول الله تعالى: {يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى} (طه: ٢٢).


(١) زاد المعاد ٤/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>