وأما المعجزة الثانية: فهي في كلمة (فليغمسه)، لأن الغمس يتضمن ولوج المنطقة التي بها فطريات (فطور) حاملة للمضادات الحيوية وللميكروبات؛ ولأن عملية الغمس تسمح للسائل أن ينتشر إلى الغشاء بالانتشار الغشائي؛ حتى ينفجر هذا الغشاء ويخرج السيتوبلازم الذي يحتوي مضادات الميكروبات، التي يكفي مللي جرام منها لتطهير (ألف) لتر من اللبن الملوث بجميع الميكروبات.
٢ - نشرت جريدة "الأهرام" بالقاهرة في عددها الصادر يوم ٢ يوليو ١٩٥٢ م مقالًا للأستاذ مجدي كيرلس جرجس (وهو نصراني مصري)، ورد فيها: وهناك حشرات ذات منافع طبية، ففي الحرب العالمية الأولى لاحظ الأطباء أن الجنود ذوي الجروح العميقة الذين تركوا بالميدان لمدة ما، حتى ينقلوا إلى المستشفى، قد شفيت جروحهم والتأمت بسرعة عجيبة، وفي مدة أقل من تلك التي استلزمتها جروح من نقلوا إلى المستشفى مباشرة، وقد وجد الأطباء أن جروح الجنود الذين تركوا بالميدان تحتوي على "يرقات" بعض أنواع "الذباب الأزرق" وقد وجد أن هذه "اليرقات" تأكل النسيج المتقيح في الجروح، وتقتل "البكتريا" المتسببة في القيح والصديد.
وقد استخرجت مادة (الأنثوين) من "اليرقان" السالفة الذكر، واستخدمت كمرهم رخيص، ملطف للخراريج والقروح والحروق والأورام، وأخيرًا عُرف التراكيب الكيميائي لمادة (الأنثوين) وحضرت صناعيًا، وهي الآن تباع بمخازن الأدوية.
وفي العصر الحديث جميع الجراحين الذين عاشوا في السنوات التي سبقت اكتشاف مركبات السلفا -أي في السنوات العشر الثالثة من القرن العشرين- رأوا بأعينهم علاج الكسور المضاعفة والقرحات المزمنة بالذباب، وكان الذباب يربى لذلك خصيصًا، وكان هذا العلاج مبنيًا على اكتشاف (باكتريوفاج) القاتل للجراثيم، على أساس أن الذباب يحمل في آن واحد الجراثيم التي تسبب المرض الباكتريوفاج الذي يهاجم هذه الجراثيم.