للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: خمس قد مضين: الروم، والدخان، واللزام، والبطشة، والقمر (١).

وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أي انشقاق القمر، قد وقع في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما (٢).

قال القاضي - رحمه الله -: انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا - صلى الله عليه وسلم - وقد رواها عدة من الصحابة - رضي الله عنه - مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها، قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين المخالفي الملة، وذلك لما أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيها؛ لأن القمر مخلوق الله تعالى، يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه، ويكوره في آخر أمره (٣).

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: اِنْشِقَاق الْقَمَر آيَة عَظِيمَة لَا يَكَاد يَعْدِلهَا شَيْء مِنْ آيَات الْأَنْبِيَاء، وَذَلِكَ أنَّهُ ظَهَرَ فِي مَلَكُوت السَّمَاء خَارِجًا مِنْ جُمْلَة طِبَاع مَا فِي هَذَا الْعَالَم المُرَكَّب مِنْ الطَّبَائِع، فَلَيْسَ مِمَّا يُطْمَع فِي الْوُصول إِلَيْهِ بِحِيلَةٍ، فَلِذَلِكَ صَارَ الْبُرْهَان بِهِ أَظْهَر. (٤)

وإن أردت تفصيلًا عن هذه المعجزة فارجع إلى محلها في الرد على من أنكرها.

وقد أسبغنا القول حول هذه المعجزة في ثنايا موسوعتنا هذه.

رابعًا: نبع الماء من بين أصابعه:

قال القرطبى: قصة نبع الماء من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - تكررت منه في عدة مواطن، في مشاهد عظيمة، وردت من طرق كثيرة، يفيد مجموعها العلم القطعي، المستفاد من التواتر المعنوي (٥) من هذه المواطن:

عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة فتوضأ، فجهش الناس نحوه، فقال: "ما لكم؟ " قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب


(١) البخاري (٩٦٢).
(٢) البخاري (٣٦٥٥)، ومسلم (٢٨٠٢).
(٣) انظر: شرح مسلم للنووي (٩/ ١٦٠)، وراجع الرد على هذه الشبهة في محلها.
(٤) فتح الباري (٧/ ١٨٥).
(٥) فتح الباري (٦/ ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>