للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عن الجميع وجزاهم أحسن الجزاء على هذا الصنيع (١).

[الوجه الثالث: لم ينكر عليه أحد في هذا العمل؛ بل قبلوه.]

لم ينكر عليه أحد ذلك؛ بل رضوه وعدُّوه من مناقبه حتى قال علي - رضي الله عنه -: لو وليت ما ولى عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل.

عن مصعب بن سعد قال: "أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منهم أحد" (٢).

[الوجه الرابع: استجابة الصحابة لعثمان - رضي الله عنه -.]

فحرقوا مصاحفهم، واجتمعوا جميعًا على المصاحف العثمانية حتى عبد الله بن مسعود الذي نقل عنه أنه أنكر أولًا مصاحف عثمان، وأنه أبى أن يحرق مصحفه رجع وعاد إلى حظيرة الجماعة حين ظهر له مزايا تلك المصاحف العثمانية، واجتماع الأمة عليها، وتوحيد الكلمة بها. وبعدئذ طهر الجو الإسلامي من أوبئة الشقاق والنزاع وأصبح مصحف ابن مسعود، ومصحف أبي بن كعب، ومصحف عائشة، ومصحف علي، ومصحف سالم مولى أبي حذيفة أصبحت كلها وأمثالها في خبر كان، مغسولة بالماء، أو محروقة بالنيران، وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويًا عزيزًا.

وعثمان - رضي الله عنه - فقد أرضى - بذلك العمل الجليل - ربه، وحافظ على القرآن، وجمع كلمة الأمة، وأغلق باب الفتنة، ولا يبرح المسلمون يقطفون من ثمار صنيعه هذا إلى اليوم وما بعد اليوم، ولن يقدح في عمله هذا أنه أحرق المصاحف والصحف المخالفة للمصاحف العثمانية فقد علمت وجهة نظره في ذلك (٣).


(١) مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ١٨٢.
(٢) صحيح. أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن صـ ١٥٦، والبخاري في التاريخ الكبير ٧/ ٣٥٠، وابن أبي داود في المصاحف (٤١) من طرق عن شعبة. وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف (٨٢) من طريق إسرائيل. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا في المصاحف (٨٣) من طريق غيلان. كلهم عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد به وإسناده صحيح.
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>