الشعر من أعظم ما جادت به ألسنة العرب، وهو عنوان لغتها وبلاغتها، وسجل حوادثها وتاريخها، وترجمان أخلاقها وعاداتها، وكان أحب إليهم من غيره، وأرفع قدرًا وأعظم شأنًا، والشعر عند العرب صفة قديمة لهم ولا يمكن تحديد بدء ظهوره.
يقول الأستاذ أحمد حسن الزيات: ومما يدل على أن الشعر قديم العهد قول امرئ القيس:
عودا على الطلل القديم لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حزام
يقول ابن كثير: قال عكرمة: كان الشاعران يتهاجيان، فينتصر لهذا فِئَامٌ من الناس، ولهذا فئَامٌ من الناس، فأنزل الله:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}. وقوله:{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: في كل لغو يخوضون. وقال الحسن البصري: قد والله رأينا أوديتهم التي يهيمون فيها، مرة في شتمة فلان، ومرة في مدحة فلان. وقال قتادة: الشاعر يمدح قومًا بباطل، ويذم قومًا بباطل.
وقوله:{وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} قال العوفي، عن ابن عباس: كان رجلان على عهد رسول الله، أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وإنهما تهاجيا، فكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء فقال تعالى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أكثر قولهم يكذبون فيه.