للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشارة بليغة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به؛ السحر، والكهانة، والشعر، والجنون، حيث إنهم يعلمون علم اليقين حقيقة هذه الألفاظ، واعترف النضر بن الحارث بإقرار صناديد قريش، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به، بعيدان كل البعد عن حقيقة الألفاظ السابقة.

وهنا يحق لنا أن نتساءل: إذا لم يذكر لنا التاريخ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصيب بهذا النوع من الأمراض المنفرة؛ فليأتنا أعداء الإسلام بما يكذب ذلك؟ ولكن أنّى لهم ذلك! اللهم إلا ما كان من هؤلاء المأفونين من المستشرقين الذين زعموا هذا الزعم بناءً على تصورهم للحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي عليه، وهي حالة واحدة من حالات متعددة كان يأتيه عليها الوحي كما علمت، وبينها وبين ما تصوروه عنها بُعد المشرقين.

يقول المستشرق ماكس مايرهوف (١): أراد بعضهم أن يرى في محمد رجلًا مصابًا بمرض عصبي أو بداء الصرع، ولكن تاريخ حياته من أوله إلى آخره، ليس فيه شيء يدل على هذا، كما أن ما قام به فيما بعد من التشريع والإدارة يناقض هذا القول (٢).

وأتساءل أيضًا: هل الذين آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ خمسة عشر قرنًا، واتبعوا الدين الذي جاء به من قادة الفكر على امتداد العصور، كلهم أغبياء مغرورون لم يميزوا بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والصحة والمرض، والكمال والنقص؟ ! .

[الوجه العاشر: حالة الأنبياء عند نزول الوحي كما في الكتاب المقدس.]

أولًا: دانيال خاف وخر على وجهه:

وَسَمِعْتُ صَوْتَ إِنْسَانٍ بَيْنَ أُولَاي فَنَادَى وَقَالَ: يَا جِبْرَائِيلُ فَهِّمْ هَذَا الرَّجُلَ الرُّؤْيَا. ١٧ فَجَاءَ إِلَى حَيْثُ وَقَفْتُ. وَلمَّا جَاءَ خِفْتُ وَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. فَقَالَ لِي: افْهَمْ (دانيال ٨/ ١٧: ١٦).

ثانيًا: حزن وفزع:


(١) مستشرق ألماني، من كبار أطباء العيون العالميين، وفي طليعة مؤرخي الطب العربي، تعد اكتشافاته فيه، وكتابته عنه، بالفرنسية والإنجليزية والألمانية، مرجعًا دقيقًا وافيًا، سكن مصر، وانتخب نائبًا لرئيس المعهد المصري، والجمعية الطبية المصرية. توفي بالقاهرة سنة ١٩٤٥ م. الأعلام للزركلي ٥/ ٢٥٦، ٢٥٧.
(٢) ينظر: الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب لأحمد بوطامي (١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>