للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسنين: كرم اللَّه وجوههما. (١)

وقال: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} لأنّ كل شيء موحَّد من خَلْق الإنسان إذا ذكر مضافًا إلى اثنين فصاعدًا جمع، فقيل: قد هشمت رءوسهما، وملأت ظهورهما وبطونهما ضربًا، وإنما اختير الجمع على التثنية؛ لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين في الإنسان: اليدين والرجلين والعينين، فلما جرى أكثره على هذا ذُهِبَ بالواحد منه إذا أضيف إلى اثنين مذهب التثنية. (٢)

واعلم أن كل ما في الجسم منه شيء واحد لا ينفصل كالرأس، والأنف، والعين، واللسان، والظهر، والبطن، والقلب - فإنك إذا ضممت إليه مثله جاز فيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: الجمع؛ وهو الأكثر نحو قولك: ما أحسن رؤوسهما؛ قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وإنما عبروا بالجمع والمراد التثنية من حيث إن التثنية جمع في الحقيقة، ولأنه مما لا يلبس ولا يشكل؛ لأنه قد علم أن الواحد لا يكون له إلا رأس واحد أو قلب واحد، فأرادوا الفصل بين النوعين فشبهوا هذا النوع بقولهم: نحن فعلنا، وإن كانا اثنين في التعبير عنهما بلفظ الجمع. .

والوجه الثاني: التثنية على الأصل وظاهر اللفظ.

والوجه الثالث: الإفراد. (٣)

[- آية يوسف]

يعود الكلام -جميعًا- على ثلاثة هم: يوسف -عليه السلام-، وأخوه الذي اتُّهِمَ بسرقة صواع الملك، وأخوه الذي قال: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ


(١) فقه اللغة للثعالبي ٣٢٨.
(٢) معاني القرآن للفراء ١/ ٣٠٧.
(٣) شرح المفصل لابن يعيش ٤/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>