اعترضوا على مسألة الناسخ والمنسوخ خاصةً في القرآن الكريم، وانقسموا إلى فريقين: قسم أنكره، وقسم أثبته، وكلٌ له غرضه:
الأول: وَهم الذين أنكروه وهم يحاولون بزعمهم أن يثبتوا هذه الدعوى، ويقولون بأن النسخ في القرآن يتعارض مع بعض آياته مثل قوله تعالى:{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}[فصلت: ٤٢]، بزعمهم أن النسخ من الباطل، وأيضًا يتعارض مع قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩].
كيف يُحفظ مع أنه يقول في آية النسخ {أَوْ نُنْسِهَا}.
ويقولون: أن النسخ يدل على إثبات البداء لله، وهو مستحيل عليه؛ لأنه يستلزم الجهل والعبث، وأن النسخ شيء استخدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة للخروج من مأزق التناقض في القرآن، وغير ذلك من الافتراءات، ويزعمون بأن النسخ لا يوجد إلا في شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن موجودًا قبل ذلك، وأن الكتاب المقدس لا يوجد فيه شيء من ذلك، ويحاولون أن يتمسكوا بهذه الأكاذيب التي نسبوها إلى أنبياء الله حيث يقولون: إن موسى- عليه السلام - أخبر أن شريعته لا تُنسخ حيث إنه قال لهم:"هذه شريعة مؤبدة ما دامت السماوات والأرض"، وأن عيسى - عليه السلام - قال:"السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول"، وهم بذلك يريدون أن يثبتوا أن النسخ من مساوئ هذه الشريعة، وهو يدل على عدم حفظ القرآن.
الثاني: وهم الذين أثبتوه، وكان لهم غرض آخر، فقد أثبتوا النسخ في القرآن، واتخذوا ذلك ذريعة للقول بالبداء على الله تعالى، ووصفوه بالجهل والعبث في أحكامه تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.