للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحطيم الروح الإيمانية، والمعنوية للمسلمين، وتمزيق الروابط التي تجمعهم نحو النصر (عقيدة الولاء والبراء). ولنعرض لدور طرفي اليهود والنصارى في هدم الخلافة العثمانية:

أولًا: دور النصارى في هدم الخلافة العثمانية:

كانت الدولة العثمانية تنظر إلى رعاياها النصارى على أنهم جزء من نسيج هذه الدولة يتولون المناصب ويشتركون في المعارك، وينعمون بالأمن، والأمان، والرفاهية التامة، وازداد نفوذهم مع تدهور الدولة العثمانية، وانتشار الأفكار التغريبية، خاصة من بداية عهد السلطان محمود الثاني المتوفى سنة ١٨٣٩ م - ١٢٥٥ هـ والذي فتح المجال على مصراعيه للنصارى، ومسخ عقيدة الولاء والبراء تمامًا، فها هو يقول في إحدى خطبه: إني لا أريد ابتداءً من الآن أن يميز المسلمون إلا في المسجد، والمسيحيون إلا في الكنيسة، واليهود في المعبد، إني أريد ما دام يتوجه الجميع نحوي بالتحية أن يتمتع الجميع بالمساواة في الحقوق.

لذلك نعمت النصرانية في عهده بحرية تامة جدًّا، ثم جاء من بعد السلطان عبد المجيد الأول المتوفى عام ١٨٦٠ م - ١٢٧٧ هـ، وكان شابًا في السادسة عشر فعبث برأسه المفتونون بالغرب، وعلى رأسهم (مصطفى باشا رشيد) الذي أصدر (خط شريف جلخانة) الذي ينص على المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلم، وغير المسلم، ثم أتبعه بالخط الهمايوني الأكثر انحلالًا، والذي ينص على ٨ نقاط ترشح، وتؤكد على المساواة بين المسلم، وغير المسلم في كافة الحقوق، والواجبات، وتكتب شهادة بوفاة عقيدة الولاء والبراء عند هؤلاء القوم، ورغم كل هذه الحريات التي تصل لمرحلة التمييع الشديد، والطمس الكامل لعقيدة الولاء والبراء كيف جاء رد فعل الآخر على هذه التنازلات؟ وهل شعر أنه جزء من هذا الوطن الذي لا يفرق بينه، وبين غيره؟ الجواب: لا، فالنصارى دأبوا على التحريض، والثورات، ويتضح ذلك جليًا في ثورة اليونان الكبيرة سنة ١٨٢١ م - ١٢٣٧ هـ في عهد محمود الثاني الذي فتح الباب للنصارى على مصراعيه، وفي هذه الثورة كان النصارى يهاجرون من بلادهم إلى اليونان للاشتراك في ثورتها ضد الدولة العثمانية،

<<  <  ج: ص:  >  >>