للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجبرها على ترك دينها وحملها على أن تكفر بالإسلام، والأولاد يتبعون الأب. فإذا كان الأب نصرانيًا أو يهوديًا ربّاهم على اليهودية أو النصرانية، فيصير الولد من أهل النار. ومن ناحية أخرى، فإن المسلم يعظّم موسى وعيسى عليهما السلام، ويؤمن برسالتهما ويعتقد بالتوارة والإنجيل التي أنزلها اللَّه ولا يحمله إيمانه على إيذاء زوجته (اليهودية) أو (النصرانية) مثلًا بسبب العقيدة؛ لأنه يلتقي معها على الإيمان باللَّه، وتعظيم رسله، فلا يكون اختلاف الدين سببًا للأذى أو الاعتداء، بخلاف غير المسلم الذي لا يؤمن بالقرآن ولا برسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فإن عدم إيمانه يدعوه إلى إيذاء المسلمة والاستخفاف بدينها. (١)

[٢ - الرجل قيم على المرأة ومؤثر عليها بخلاف المرأة.]

وقد أحل اللَّه الزواج من الكتابية، ولم يحل نكاح الكتابي للمسلمة؛ لأن الرجل غالب للمرأة، فالغالب أن المرأة تتأثر به، وقد تسلم، وإذا لم تسلم على يد زوجها فقد تسلم على يد أولادها، ولكن إذا كان الزوج كافرًا والمرأة مسلمة، فقد يكون الأمر بالعكس، فأحلَّ اللَّهُ النكاح للرجال ولم يحله للنساء (٢)، ولما كانت رابطة النكاح رابطة اتصال ومعاشرة نُهي عن وقوعها مع من يدعون إلى النار خشية أن تؤثر تلك الدعوة في النفس؛ فإن بين الزوجين مودة وإلفًا يبعثان على إرضاء أحدهما الآخر، ولما كانت هذه الدعوة من المشركين شديدة لأنهم لا يوحدون اللَّه ولا يؤمنون بالرسل - كان البون بينهم وبين المسلمين في الدين بعيدًا جدًّا لا يجمعهم شيء يتفقون عليه؛ فلم يبح اللَّه مخالطتهم بالتزوج من كلا الجانبين، أما أهل الكتاب فيجمع بينهم وبين المسلمين اعتقاد وجود اللَّه، وانفراده بالخلق، والإيمان بالأنبياء، ويفرق بيننا وبين النصارى الاعتقاد ببنوة عيسى والإيمان بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويفرق بيننا وبين اليهود الإيمان بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وتصديق عيسى؛ فأباح اللَّه تعالى للمسلم أن


(١) تفسير آيات الأحكام (١/ ١٢٦).
(٢) شرح زاد المستقنع للشنقيطي (٩/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>