للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا شك أن جانب الترهيب عليه عامل كبير في إصلاح النفس البشرية وفي إقامة الحد على المذنب، يجعل الآخرين ممن يريدون اقتراف نفس ما اقترف هذا المذنب لا يفكر في أن يفعل مثل ما فعل، وعندما يشهد إقامة الحد عليه، فهو رادع وزاجر في أن يفعل مثل ما فعل (١)، لذلك صار إقامة الحدود وشهود طائفة من المؤمنين لإقامة الحدود لهو من الموانع القوية في اقتراف فاحشة الزنا (٢).

[٢ - الأمر بغض الأبصار]

وهو للرجال والنساء على السواء، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور ٣١: ٣٠).

قال ابن كثير: ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب، كما قال بعض السلف: "النظر سهام سم إلى القلب"؛ ولذلك أمر اللَّه بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك (٣).

فلما كان النظر بريد الزنى ورائد الفجور، والبلوى فيه أشدّ وأكثر، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه، كان الأمر بحفظ الفروج عقب الأمر بالغض من الأبصار لأن النظر رائد الزنى، وثمرة حفظ الفرج لا تكون إلا بغض البصر (٤).

قال القرطبي: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله (٥).


(١) انظر: (مقدمة الحدود، فضل إقامة الحدود).
(٢) انظر (شبهة إقامة الحد علانية).
(٣) تفسير ابن كثير ٣/ ٣٧٦.
(٤) الكشاف ٣/ ٢٣٠.
(٥) تفسير القرطبي ١٢/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>