للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هزمت روحها، ولا يبلغ أعداؤها منها شيئًا وهي ممسكة بعروة الإيمان، مرتكنة إلى ركنه، سائرة على نهجه، حاملة لرايته، ممثلة لحزبه، منتسبة إليه، معتزة بهذا النسب وحده، ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه الأمة هو الذي يلهيها عن عقيدتها الإيمانية، ويحيد بها عن منهج الله وطريقه، ويخدعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة.

إن المعركة بين الأمة المسلمة وبين أعدائها هي قبل كل شيء معركة هذه العقيدة. وحتى حين يريد أعداؤها أن يغلبوها على الأرض والمحصولات والاقتصاد والخامات، فإنهم يحاولون أولا أن يغلبوها على العقيدة، لأنهم يعلمون بالتجارب الطويلة أنهم لا يبلغون مما يريدون شيئًا والأمة المسلمة مستمسكة بعقيدتها، ملتزمة بمنهجها، مدركة لكيد أعدائها. ومواجهة ذلك تكون ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقة للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق.

[المبحث الثاني: المناظرة وآدابها.]

وقبل أن نشرع في مادة هذه الموسوعة نذكر طرفا مختصر جامعًا للمناظرة وآدابها ينشأ الاختلاف الفكري من اختلاف الطبائع والعقول البشرية (١).

وحيث كان كل واحد من المتناظرين في الاستدلال والجواب يرسل عنانه في الاحتجاج، ومنه ما يكون صوابًا ومنه ما يكون خطأ فاحتاج الأئمة إلى أن يضعوا آدابًا وأحكامًا يقف المتناظران عند حدودها في الرد والقبول (٢).

والحديث عن ذلك من خلال هذه النقاط:

أولًا: تعريف المناظرة والجدال.

المناظرة لغة: من النظير، أو من النظر بالبصيرة (٣).

المناظرة اصطلاحًا: أن تناظر أخاك في أمر إذا نظرتما فيه معًا كيف تأتيانه. (٤)


(١) فقه الائتلاف لمحمود الخزندار (صـ ٢١).
(٢) المقدمة لابن خلدون (صـ ٣٢١).
(٣) التعريفات للجرجاني (صـ ٢٩٨).
(٤) لسان العرب لابن منظور (٥/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>