للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} فإن ذلك لا يعارض كون الأرض كروية.

قال جل وعلا: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ. .} (الرعد: ٣)، {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ. .} (الحجر: ١٩).

[أولا: (المد): هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه.]

قال أبو عبد اللَّه الداراني: ثبت بالدليل أنّ الأرض كرة، ولا ينافي ذلك قوله: {مَدَّ الْأَرْضَ} وذلك أنّ الأرض جسم عظيم، والكرة إذا كانت في غاية الكبر كأن قطعة منها تشاهد كالسطح (١).

قال ابن عادل: لما قرر اللَّه الدلائل السماوية أردفها بتقرير الدلائل الأرضية فقال: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} بسطها، قال الأصم: (المد): البسط إلى ما لا يدرك منتهاه فقوله: {مَدَّ الْأَرْضَ} ليشعر بأنَّه تعالى جعل حجم الأرض حجمًا عظيمًا لا يقع البصر على منتهاه.

قال ابن الخطيب: فإن قالوا: قوله تعالى: {مَدَّ الْأَرْضَ} ينافي كونها كرة! قلنا: لا نسلم؛ لأن الأرض جسم عظيم، والكرة إذا كانت في غاية الكبر كان لك قطعة منها تشاهدُ كالسَّطح، والتَّفاوت الحاصل بينه وبين السَّطح لا يصلح إلَّا في علم اللَّه تبارك وتعالى إلا في قوله تعالى {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} (النبأ: ٧) مع أن العالم من النَّاس يستقرُّون عليه، فكذلك هنا (٢).

ثانيًا: قال الشعراوي:

١ - واعتقد أنه في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن أحد من البشر يعرف شيئًا عن كروية الأرض، أو لم يكن ذلك قد وصل إلى علم أحد، وهنا يأتي القرآن ويقول: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} ويلاحظ دقة تعبير القرآن في ألفاظه، لقد اختار اللفظ الوحيد المناسب للعصر الذي نزل فيه والعصور القادمة فكلمة مددناها تعطى المعنى للاثنين معًا.


(١) تفسير البحر المحيط (٧/ ٨٠).
(٢) تفسير اللباب (٩/ ٣٧٩ - الرعد: ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>