للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ومضمون هذه البشارة موافق لمضمون قوله تعالى في سورة التين {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)} [التين: ١ - ٣].

ففيه إشارة لأماكن بعثة الأنبياء الثلاثة، لكن لما كان المقصودُ في القرآن التعظيم تدرج من الأدنى إلى الأعلى؛ لأن رسالة موسى أعظم من رسالة عيسى، ورسالة محمد أعظم من رسالتيهما - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك مكة أقدس وأشرف من سيناء والقدس، ولما كان المقصود في التوراة الخبر التاريخي ذكرت هذه الأماكن الثلاثة مرتبة حسب زمان بعثة الأنبياء الثلاثة. . ." (١)

[البشارة رقم (٢)]

ويجئ نص آخر في التوراة لا محمل له إلا البشارة برسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - مهما غالط المغالطون. وهو قول الله لموسى - عليه السلام - حسب ما تروى التوراة:

"١٨ أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلَامِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. ١٩ وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ لِكَلَامِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ." (التثنية ١٨: ١٨ - ١٩).

حدث هذا حسب روايات التوراة وعدًا من الله لموسى - عليه السلام - في آخر عهده بالرسالة، وكان يهمه أمر بني إسرائيل من بعده، فأعلمه الله - حسب هذه الرواية التوراتية أنه سيبعث فيهم رسولًا مثل موسى - عليه السلام -.

ولقوة دلالة النص على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد وقف أهل الكتابين - اليهود والنصارى - موقفين مختلفين هدفهما واحد، وهو أن النص ليس بشارة برسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -.

أما اليهود فلهم فيه رأيان: الأول: أن العبارة نفسها ليست خبرًا؛ بل هي نفى، ويقدرون قبل الفعل أقيم "همزة استفهام يكون الاستفهام معها "إنكاريًا" وتقدير النص عندهم هكذا: أأقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك .. ؟ !


(١) هامش إظهار الحق (٤/ ١١٣٥)، وانظر: أيضًا تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، تأليف/ صالح بن الحسين الجعفري (٢/ ٦٥٥)، هداية الحيارى لابن القيم (١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>