للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دالة عليه ميلٌ بها عما يجب فيها.

الثالث: أنَّ يسمِّي الله تعالى بما لم يسم به نفسه كتسمية النصارى له: الأب، وتسمية الفلاسفة إياه العلة الفاعلة، وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية، فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميلٌ بها عما يجب فيها، كما أن هذه الأسماء التي سموه بها نفسها باطلة يُنَزَّهُ الله تعالى عنها.

الرابع: أنَّ يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كما فعل المشركون في اشتقاق العُزَّى من العزيز، واشتقاق اللات من الإله على أحد القولين فسَمُّوا بها أصنامهم (١)، ومن ذلك أيضًا دعوى الألوهية والربوبية، كقول فرعون طاغية مصر لقومه: ({وَقَال فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (القصص: ٣٨)، ودعواه بأنه ربهم الأعلى في قوله: {فَقَال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} (النازعات: ٢٤).

الأساس الثامن: الوقف في أسماء الله وصفاته.

قال الإمام أحمد: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه؛ أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، لا يتجاوز القرآن والحديث.

وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء: ٣٦].

وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} (الأعراف: ٣٣).

لأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أوإنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص (٢).


(١) المصدر السابق.
(٢) القواعد المثلى (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>