٢ - الرواية تنص على عزل الحكمين لمعاوية فيما بينهما وعلى تثبيت عمرًا لمعاوية أمام الناس مع أن معاوية لم يكن خليفة ولا ادعى الخلافة طرفة عين حتى قتل علي -رضي اللَّه عنه-، ولهذا فإن العزل والتثبيت جاءا على غير محلهما، وهذا مما يدل على عدم إحكام الكذابين لكذبتهم فليرجعوا إليها إن شاءوا ليحذفوا منها ما دل على كذبهم.
٣ - الرواية تصور أبا موسى مغفلًا سبابًا وتصور عمرًا ماكرًا مخادعًا سبابًا هو الآخر، وتصور ابن عباس وهو يطعن في أبي موسى وفي اختيار عليّ له، وهذا ينافي الثابت من الفضائل لهؤلاء الكبار -رضي اللَّه عنهم ورضوا عنه-. (١)
[د - ومما يؤكد عدم صحة هذه الرواية التي قبلها أهل العلم لقضية التحكيم والتي ينكشف بها كذب الكذابين أكثر من ذي قبل]
قال ابن العربي: وقد تحكم الناس في التحكيم فقالوا فيه ما لا يرضاه اللَّه، وإذا لاحظتموه بعين المروءة دون الديانة رأيتم أنها سخافة حمل على سطرها في الكتب في الأكثر عدم الدين وفي الأقل جهل بيِّن، والذي صح من ذلك ما روى الأئمة كخليفة بن خياط والدراقطني أنه لما خرج الطائفة العراقية في مائة ألف والشامية في سبعين أو تسعين ألفًا ونزلوا على الفرات بصفين. اقتتلوا في أول يوم وهو الثلاثاء على الماء فغلب أهل العراق عليه، ثم التقوا يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر سنة سبع وثلاثين ويوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت، ورفعت المصاحف من أهل الشام. . .، حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق فكان من جهة عليّ الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت ورفعت المصاحف من أهل الشام ودعوا إلى الصلح وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل: أبو موسى من جهة عليّ، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص.
وكان أبو موسى رجلًا تقيًا ثقفًا فقيها عالمًا حسبما بيناه في كتاب (سراج المريدين أرسله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن مع معاذ وقدمه عمر وأثنى عليه بالفهم. وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله ضعيف الرأي مخدوعًا في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأرب