حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له موقها فسقته به فغفر لها.
فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل ما بغى سقت كلبا يغفر لها وكذلك هذا الذي نحى غصن الشوك عن الطريق فعله إذ ذاك بإيمان خالص وإخلاص قائم بقلبه فغفر له بذلك فإن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحدًا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض وليس كل من نحى غصن شوك عن الطريق غفر له، قال الله تعالى:({لَنْ يَنَال اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}[الحج: ٣٧]، فالناس يشتركون في الهدايا والضحايا والله لا يناله الدم المهراق ولا اللحم المأكول والتصدق به لكن يناله تقوى القلوب، فإذا عرف أن الأعمال الظاهرة يعظم قدرها ويصغر قدرها بما في القلوب وما في القلوب يتفاضل لا يعرف مقادير ما في القلوب من الإيمان إلا الله عرف الإنسان أن ما قاله الرسول كله حق ولم يضرب بعضه ببعض.
والمقصود أن فضل الأعمال وثوابها ليس بمجرد صورها الظاهرة بل لحقائقها التي في القلوب، والناس يتفاضلون في ذلك تفاضلًا عظيمًا.
[السبب الرابع: الدعاء للمؤمنين.]
فإن صلاة المسلمين على الميت ودعاءهم له من أسباب المغفرة.
[السبب الخامس: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.]
واستغفاره في حياته وبعد مماته كشفاعته يوم القيامة.
[السبب السادس: ما يفعل بعد الموت من عمل صالح يهدي له مثل من يتصدق عنه ويحج عنه ويصوم عنه.]
[السبب السابع المصائب الدنيوية التي يكفر الله بها الخطايا]
كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا غم ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. (١)