للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه المأمور به.

ففي السنن عن عمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن العبد لينصرف عن صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها حتى قال إلا عشرها" (١)، وقال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها، وفي الحديث: "رب صائم حظه من صيامه العطش ورب قائم حظه من قيامه السهر" (٢)، وكذلك الحج والجهاد وغيرهما.

فالمحو والتكفير يقع بما يتقبل من الأعمال وأكثر الناس يقصرون في الحسنات حتى في نفس صلاتهم فالسعيد منهم من يكتب له نصفها وهم يفعلون السيئات كثيرًا فلهذا يكفر بما يقبل من الصلوات الخمس شيء وبما يقبل من الجمعة شيء وبما يقبل من صيام رمضان شيء آخر وكذلك سائر الأعمال وليس كل حسنة تمحو كل سيئة بل المحو يكون للصغائر تارة ويكون للكبائر تارة باعتبار الموازنة.

والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله فيغفر الله له به كبائر كما في الترمذي وابن ماجة وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعون سجلًا كل سجل منها مد البصر فيقال هل تنكر من هذا شيئًا فيقول لا يا رب فيقول لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة قدر الكف فيها شهادة أن لا إله إلا الله فيقول أين تقع هذه البطاقة مع هذه السجلات فتوضع هذه البطاقة في كفيه والسجلات في كفة فثقلت البطاقة وطاشت السجلات". (٣)

فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق كما قالها هذا الشخصهالا فأهل الكبائر (من المسلمين) الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون لا إله إلا الله ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجم قول صاحب البطاقة. وفي الصحيحين إن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم


(١) مسند أحمد (١٨٨٩٩)، سنن النسائي (٦١١). وحسنه الألباني في الإيمان لابن تيمية ١/ ٢٩.
(٢) مسند أحمد (٨٨٤٣)، سنن النسائي (٣٢٤٩)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١٠٨٤).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٣٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٨٠٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>