هذا قرآنا لاتفقت الفاظه وحروفه في جميع الروايات، وحملة الأخبار أخبر بها من غيرهم، وأيضا تبويب العلماء اللذين خرجوا هذا الحديث قاطبة، منهم من وضعه في باب القنوت في الفجر أو في الوتر؛ كما هو في معظم الروايات السابقة، ومنهم من وضعه في باب المنسوخ من القرآن كما فعل الحازمي والزركشي والسيوطي وغيرهم؛ مما يدل على فهم هؤلاء العلماء ومعرفتهم لرتبة هذا الدعاء وهل هو من نصوص الكتاب أو السنة أم لا؟ ، وأما تسميتهما بالسورتين فهذا باعتبار ما كان أي أنهما كانتا سورتين ثم نسختا.
[الشبهة الثالثة: آية الرجم.]
نص الشبهة: يقولون بعدم حفظ القرآن الكريم من خلال ما حدث في جمع القرآن، والدليل على ذلك هو سقوط آية الرجم (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، فقد كانت موجودة، ويقرؤها الصحابة في سورة الأحزاب. فأين هي الآن؟ ! وهي تخالف في نصها الحكم الثابت في أن الرجم على الإحصان والآية رتبته على الشيخوخة. ثم إن عمر - رضي الله عنه - أراد أن يكتبها كآية في المصحف لولا خشية الناس، فهذا الذي منعه من كتابتها.
والجواب على هذه الشبهة من هذه الوجوه:
[الوجه الأول: أن القرآن محفوظ بحفظ الله - عز وجل - له دون سائر الكتب.]
الوجه الثاني: آية الرجم مما نسخ تلاوته وبقى حكمه.
الوجه الثالث: بيان معنى قوله: (الشيخ والشيخة) وأن هذا لا ينافي الحكم الثابت بالإحصان، وبيان الحكمة من هذا اللفظ.
الوجه الرابع: بيان معنى قول عمر - رضي الله عنه -: لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ في كِتَابِ الله لَكَتَبْتُهَا.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: أن القرآن محفوظ بحفظ الله - عز وجل - له دون سائر الكتب (١).
قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]
(١) راجع شبهة حول حديث الداجن في هذا الموسوعة ففيها تفصيل لمعنى الحفظ.