للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إلى غيرهم من الملوك والرؤساء يدعوهم إلى دين الله عزَّ وجلَّ مما يدل دلالة واضحة على حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على دعوة الرؤساء للإسلام لأن بإسلامهم يدخل الناس في دين الله أفواجًا، وتتم النعمة عليهم بذلك (١).

الوجه الرابع: أن الله عزَّ وجلَّ أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - ألا يطرد الضعفاء والمساكين، وأن يصبر نفسه معهم، ولا تعدوا عيناه إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا.

قال الله تعالى مخاطبًا نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)} [الأنعام: ٥٢]، وفي آية أخرى قال: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} [الكهف: ٢٨]، بعد ما عاتب الله نبيه بشأن ابن أم مكتوم، نهاه في هذه الآية الكريمة {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ... } عن طرد ضعفاء المسلمين وفقرائهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وفي الاية الأخرى (واصبر نفسك) يأمره أن يصبر نفسه معهم، وأن لا تعدو عيناه عنهم إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا، ونهاه عن إطاعة الكفرة في ذلك {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (٢).

وعَنْ سَعْدٍ بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتّة نَفَرٍ، فَقَالَ الْمشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا قَالَ وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَبِلَالٌ وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ الله أَنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (٣).


(١) السيرة النبوية لابن كثير (٣/ ٦٠٥)، تاريخ الطبري (٢/ ١٢٨)، وسبل الهدى والرشاد (٥/ ٤٥٨).
(٢) أضواء البيان (٢/ ١٧١).
(٣) مسلم (٢٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>