للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الجنة وحياتها الأبدية لا تنال إلا بالشهادة لله بالتوحيد، ولنبيه وصفيه المسيح عليه السلام بالرسالة، وهو ما يعتقده المسلمون فيه عليه السلام.

فهذه لغة الكتاب المقدس في التعبير، والتي يخطئ من يصر على فهم ألفاظها حرفيًا كما يخطئ أولئك الذين يفرقون بين المتشابهات، فألوهية هؤلاء جميعا مجازية، وكذا ألوهية المسيح، سواء بسواء. (١)

ثانيًا: نصوص بنوة المسيح لله

وتتحدث نصوص إنجيلية عن المسيح عليه السلام، وتذكر أنه ابن الله، ويراها النصارى أدلة صريحة على ألوهية المسيح، فهل يصح هذا الاستدلال منهم؟ وما هو معنى البنوة لله؟

والجواب من وجوه:

الوجه الأول: معنى البنوة الصحيح.

١ - إن المعنى المقصود للبنوة في كل ما قيل عن المسيح عليه السلام وغيره إنما هو معنى مجازي بمعنى حبيب الله أو مطيع الله، أو المؤمن بالله. لذلك قال مرقس وهو يحكي عبارة قائد المائة الذي شاهد المصلوب وهو يموت فقال: "حقًّا كان هذا الإنسان ابن الله" (مرقس ١٥/ ٣٩). ولما حكى لوقا القصة نفسها أبدل العبارة بمرادفها فقال: "بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا" (لوقا ٢٣/ ٤٧).

٢ - ومثل هذا الاستخدام وقع من يوحنا حين تحدث عن أولاد الله المؤمنين، فقال: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله. أي المؤمنين باسمه" ٣ - (يوحنا ١/ ١٢)، ونحوه في قول بولس: "كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (غلاطية ٨/ ١٤).

٤ - ومثل هذا الإطلاق المجازي للبنوة معهود في الكتب المقدسة التي تحدثت عن أبناء الشيطان، وأبناء الدهر (الدنيا) (انظر يوحنا ٨/ ٤٤، لوقا ١٦/ ٨).


(١) وفي كتاب "مرشد الطالبين": وأما اصطلاح الكتاب القدس؛ فإنه ذو استعارات وافرة غامضة خاصة العهد العتيق. واصطلاح العهد الجديد أيضا هو استعاري جدا، وخاصة مسامرات مخلصنا، وقد اشتهرت آراء كثيرة فاسدة لكون بعض معلمي النصارى شرحوها شرحا حرفيا. . ." وانظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (٣/ ٧٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>