للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا سَاقِطًا إِحْدَى شِقَّيْهِ" فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا في سَبِيلِ الله". قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: تِسْعِينَ. وَهْوَ أَصحُّ. (١)

[الوجه الخامس: خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدم القسمة بين النساء.]

قال ابن كثير: في قول آخر لمعنى الآية: المراد بقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} أي: من أزواجك، لا حرج عليك أن تترك القَسْم لهن، فتقدم من شئت، وتؤخر من شئت، وتجامع من شئت، وتترك من شئت.

هكذا يروى عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وأبي رَزين، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم، ومع هذا كان - صلى الله عليه وسلم - يقسم لهن، ولهذا ذهب طائفة من الفقهاء من الشافعية وغيرهم إلى أنه لم يكن القسم واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم -، واحتجوا بهذه الآية الكريمة.

عن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن نزلت هذه الآية: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}، فقلت لها: ما كنت تقولين؟ فقالت: كنت أقول: إن كان ذاك إليَّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أؤثر عليك أحدًا. (٢)

فهذا الحديث عنها يدل على أن المراد من ذلك عدم وجوب القسم.

[الوجه السادس: عدل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته]

عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان قل يوم يأتي إلا وهو يطوف علينا جميعًا فيدنوا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها (٣) فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، وهذه الأقوال منه - صلى الله عليه وسلم - تأكيد وبيان لقول رب العزة: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وهي كلمة جامعة تعنى: التحلي


(١) أخرجه البخاري (٣٤٢٤)، مسلم (١٦٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٤٥١١)، ومسلم (١٤٧٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٢١٣٥)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٠٣)، وقال: صحيح ولم يخرجاه (٢٠٣)، والمعجم الأوسط للطبراني (٥٢٥٤)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٧٤)، وحسنه الألباني في الصحيحة (١٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>