للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثرة أدوات الكتابة وتنوعها لا يؤثر في جمع القرآن إذ كان التعويل على الحفظ والتلقي قبل كل شيء، ولم يكن التعويل على المكتوب وحده.

فلا جرم كان في الحفظ والكتابة معا، ضمان للنظام والترتيب والضبط والحصر. (١)

[الشبهة الثانية: لم يجمع القرآن إلا أربعة.]

[نص الشبهة]

مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. حيث استند هؤلاء بما صح عَنْ أَنسٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: مَاتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ (٢). قَالَ: وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي (٣).

والرد من وجوه:

الوجه الأول: الحصر الذي ذكره أنس - رضي الله عنه - هو حصر نسبي (إضافي) وليس حصرًا حقيقيًا.

أي أن قول أنس - رضي الله عنه - (أَرْبَعَةٌ) لا مفهوم له؛ وليس الحصر في كلامه حقيقيًّا، بل هو حصر إضافي، أي: بالإضافة إلى غيرهم، فالحصر الذي تلمحه فيه حصر نسبي وليس حصرًا حقيقيًا حتى ينفي أن يكون غير هؤلاء الأربعة قد جمعه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والدليل على أن هذا الحصر إضافي لا حقيقي ما يلي:


(١) مناهل العرفان للزرقاني ١/ ٢٣٠.
(٢) اختلف في تعيينه، قال النووي: هُوَ سَعْد بْن عُبَيْد بْن النُّعْمَان الْأَوْسِيّ مِنْ بَنِي عَمْرو بْن عَوْف، بَدْرِيّ يُعْرَفُ بِسَعْدٍ الْقَارِي، اُسْتُشْهِدَ بِالْقَادِسِيَّةِ سَنَة خَمْس عَشْرَة فِي أَوَّل خِلَافَة عُمَر بْن الْخَطَّاب - رضي الله عنه -.
قَالَ ابْن عَبْد الْبَرّ: هَذَا هُوَ قَوْل أَهْل الْكُوفَة، وَخَالَفَهُمْ غَيْرهمْ، فَقَالُوا: هُوَ قَيْس بْن السَّكَن الْخَزْرَجِيّ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْن النَّجَّار بَدْرِيّ. قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة: اُسْتُشْهِدَ يَوْم جَيْش أَبِي عُبَيْد بِالْعِرَاقِ سَنَة خَمْس عَشْرَة أَيْضًا. شرح مسلم (٨/ ٢٢١).
(٣) البخاري (٥٠٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>