للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كان الواقع هو الاحتمال الثاني فدعوى الاقتباس باطلة ويكون للقرآن في هذه الحالة سلطانه الخاص به في استقاء الحقائق، وعرضها فلا اقتباس لا من توراة ولا من إنجيل ولا من غيرهما.

لا أظن أن القارئ يختلف معنا في هذه الأسس التي قدمناها لصحة الاتهام بالاقتباس عمومًا. وما علينا بعد ذلك إلا أن نستعرض بعض صور التشابه بين التوراة والقرآن، ونطبق عليها تلك الأسس المتقدمة تاركين الحرية التامة للقارئ سواء أكان مسلمًا أو غير مسلم في الحكم على ما سوف تسفر عنه المقارنة، أنحن على صواب في نفي الاقتباس عن القرآن أم لا؟ .

والمسألة بعد ذلك ليست مسألة اختلاف في الرأي يصبح فيها كل فريق موصوفًا بالسلامة، وأنه على الحق أو شعبة من حق. وإنما المسألة مسألة مصير أبدي، من ورائه عقيدة صحيحة توجب النجاة لصاحبها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أو عقيدة فاسدة تُحل قومها دار البوار، يوم يقدم الله إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءًا منثورًا. (١)

[الوجه الثالث: حقيقة التشابه بين القرآن من جهة وبين التوراة والإنجيل]

إذا كان هناك تشابه بين القرآن والتوراة والإنجيل فهذا أمر طبيعي؛ لأن المصدر واحد وهو الوحي، أما التناقض فيرجع إلى تحريف اليهود والنصارى للوحي المنزل على موسى وعيسى عليهما السلام.

إنما يُوجد تشابه بين القرآن والتوراة والإنجيل في أمور كثيرة، مع هيمنة القرآن عليهما هيمنة كاملة شاملة مقرونة بالإعجاز والتحدي. وهذا التشابه سببه وِحدة المصدر الإلهي؛ فبما أن الله تعالى هو منزل كل الكتب السماوية، والدين عنده واحد هو الإسلام، لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] فمن البديهي والطبيعي، ومن الضروري أيضًا أن يُوجد تشابه بين كل الكتب السماوية. (٢)

الوجه الرابع: حقيقة النصرانية عند العرب، ولماذا لم يتأثروا بها كما تأثروا بالإسلام؟


(١) حقائق الإسلام وشبهات المشككين ص - ١٣٩
(٢) أباطيل وخرافات حول القرآن الكريم والنبي ١/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>