للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أعطى الإسلام للإمام صلاحية واسعة في أن يعامل الأسرى بعد أن تضع الحرب أوزارها بما يراه المصلحة، بل خيَّره بين المن، والفداء، أو القتل، أو الاسترقاق، فإن رأى أن يصرف النظر عن استرقاق أسرى الحروب بموجب معاهدة دولية توقعها الدول فله ذلك كما فعل السلطان محمد الفاتح.

٤ - في حالة وجود الرق، فالإسلام فتح من المصبات في تحرير الرق ما يكفل القضاء عليه في فترة زمنية قد تطول أو تقصر. وسبق أن ذكرنا المنهج الكامل أو بعبارة أوضح المصبات الكثيرة التي تقضي على الرقيق في ظل التشريع الإسلامي.

والإسلام في منهاجه في تحرير الرقيق أعطى للدول قدوة، بل سبق الأمم في تحريره سبعة قرون. (١)

ونلاحظ على الذين يعيبون على الإسلام مسألة الرقِّ في الحروب أنهم يقارنون بين الرِّق والحرية، لكن المقارنة هنا ليستْ كذلك، المقارنة هنا بين الرق والقتل؛ لأنه لا يُسترقّ إلا مَنْ قدر المسترقّ عليه وتمكَّن منه في المعركة، وكان باستطاعته قَتْله، لكن رحمة اللَّه بعباده منعتْ قتله، وأباحت أَخْذه رقيقًا، فالنفعية للمقاتل المنتصر يقابلها حَقْن دم الآخر، ثم بعد انتهاء الحرب نحثُّ على عتقه، ونفتح له أبواب الحرية.

إذن: لا تقارن بين عبد وحر، إنما قارن بين العبودية والقتل: أيهما أقلّ ضررًا؟

لذلك قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)} (التوبة: ١٤ - ١٥). (٢)

الوجه السادس: هناك أسباب كثيرة أوجدها الإسلام لتحرير الرقيق من قيود العبودية.


(١) نظام الرق في الإسلام (٧٩ - ٨٠).
(٢) تفسير الشعراوي (١/ ٦٠٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>