للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد يوهم أن الأمرين متضادان، إذ أبيح فعل مسمى باسم، وحظر فعل تسمى بذلك الاسم سواء فمن كان هذا مبلغه من العلم لم يحل له تعاطي الفقه، ولا الفتيا، ووجب عليه التعلم، أو السكت، إلى أن يدرك من العلم ما يجوز معه الفتيا، وتعاطي العلم، ومن فهم هذه الصناعة علم أن ما أبيح غير ما حظر، وإن كان اسم الواحد قد يقع على المباح وعلى المحظور جميعًا، فمن هذا الجنس الذي ذكرت أن الله عز وجل دل في كتابه أن مباشرة النساء في نهار الصوم غير جائز كقوله تبارك وتعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (البقرة: ١٨٧)، فأباح الله عزَّ وجلَّ مباشرة النساء والأكل والشرب بالليل، ثم أمرنا بإتمام الصيام إلى الليل، على أن المباشرة المباحة بالليل المقرونة إلى الأكل والشرب هي الجماع المفطر للصائم.

وأباح الله عزَّ وجلَّ بفعل النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - المباشرة التي هي دون الجماع في الصيام، إذ كان يباشر وهو صائم، والمباشرة التي ذكر الله في كتابه أنها تفطر الصائم هي غير المباشرة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشرها في صيامه، والمباشرة اسم واحد واقع على فعلين:

إحداهما مباحة في نهار الصوم، والأخرى: محظورة في نهار الصوم، مفطرة للصائم (١).

فهذا الكلام فيه بيان الفرق بين الاصطلاحين وأنهما على معنيين مختلفين وأنه لابد من فهم الكلام المطروح في إطار ما ورد فيه وبالكيفية التي جاء بها، ولا يعم اللفظ إلا إذا كان يحمل معنًا واحدًا لا يحتمل غيره".

[الوجه السادس: إيراد كلام أهل العلم على الحديث، وبيان معناه.]

بوب البخاري رحمه الله في صحيحه "باب المباشرة للصائم"

قال ابن حجر: "أي بيان حكمها وأصل المباشرة التقاء البشرتين ويستعمل في الجماع سواء أولج أم لم يولج وليس الجماع مرادًا بهذه الترجمة" (٢).


(١) صحيح ابن خزيمة ٣/ ٢٤٤: ٢٤٣.
(٢) فتح الباري ٤/ ١٧٦ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>