للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبوب الترمذي -رحمه الله- في سننه "باب ما جاء في مباشرة الصائم" (١).

قال المباركفوري: "المباشرة أعم من القبلة، قيل هي مس الزوج المرأة فيما دون الفرج، وقيل هي القبلة واللمس باليد، قاله القاري" (٢).

قال النووي: "معنى المباشرة هنا اللمس باليد، وهو من التقاء البشرتين" (٣).

قال الصنعاني: قال العلماء: معنى الحديث أنه ينبغي لكم الاحتراز من القُبْلة، ولا تتوهموا أنكم مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في استباحتها لأنه يملك نفسه ويأمن من وقوع القبلة أن يتولد عنها إنزال، أو شهوة، أو هيجان نفس، أو نحو ذلك وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم كف النفس على ذلك، وأخرج النسائي من طريق الأسود "قلت لعائشة: أيباشر الصائم؟ قالت: لا، قلت: أليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يباشر وهو صائم؟ قالت: إنه كان أملككم لإربه" وظاهر هذا: أنها اعتقدت أن ذلك خاص به - صلى الله عليه وسلم -.

قال القرطبي: وهو اجتهاد منها.، وقيل: الظاهر أنها ترى كراهة القبلة لغيره - صلى الله عليه وسلم - كراهة تنزيه لا تحريم كما يدل له قولها: أملككم لإربه. وفي كتاب الصيام لأبي يوسف القاضي من طريق حماد بن سلمة: "سئلت عائشة عن المباشرة للصائم فكرهتها.

وظاهر حديث الباب جواز القبلة، والمباشرة للصائم لدليل التأسي به - صلى الله عليه وسلم -، ولأنها ذكرت عائشة الحديث جوابًا عمَّن سأل عن القبلة، وهو صائم، وجوابها قاض بالإباحة مستدلة بما كان يفعله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي المسألة أقوال:

الأول: للمالكية أنه مكروه مطلقًا.

الثاني: أنه محرّم مستدلين بقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} فإنه منع المباشرة في النهار وأجيب بأن المراد بها في الآية الجماع وقد بين ذلك فعله - صلى الله عليه وسلم - كما أفاده حديث الباب وقال


(١) سنن الترمذي ٣/ ١٠٦.
(٢) عمدة القاري ١٨/ ١٩٠، وانظر أيضًا تحفة الأحوذي ٣/ ٣٥١.
(٣) شرح النووي ٧/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>