للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه الأمر بإجابتهم لقتال العدو والجهاد، والإجابة إذا دعاكم إلى حكم القرآن، وفي الإجابة إلى كل ذلك حياة المجيب، أما في الدنيا فيقال الذكر الجميل، وذلك له فيه حياة، وأما في الآخرة فحياة الأبد في الجنان والخلود فيها (١).

قال البخاري: {اسْتَجِيبُوا} أي أجيبوا {لِمَا يُحْيِيكُمْ} لما يصلحكم (٢).

[الوجه الثاني: أن آيات الإطلاق مبينة أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يدعونا إلا لما يحيينا من خيري الدنيا والآخرة.]

فالشرط المذكور في قوله: {إِذَا دَعَاكُمْ} متوفر في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان عصمته كما دل عليه قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤]، والحاصل أن آية: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} مبينة أنه لا طاعة إلا لمن يدعو إلى ما يرضي الله، وأن الآيات الأخر بينت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدعوا أبدًا إلا إلى ذلك، صلوات الله وسلامه عليه (٣).

الوجه الثالث: حديث أبي سعيد بن المعلي وغيره يدلُّ على أن الحكم عالم وغير مخصوص بشرط معين. (٤)

قال ابن عاشور: فالآية تقتضي الأمر بالامتثال لما يدعو إليه الرسل سواء دعا حقيقة بطلب القدوم أم طلب عملًا من الأعمال، فلذلك لم يكن قيد لما يحييكم مقصودًا لتقييد الدعوة ببعض الأحوال؛ بل هو قيد كاشف، فان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يدعوهم إلا وفي حضورهم لديه حياة لهم، ويكشف عن هذا المعنى في قيد: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} ما رواه أهل الصحيح عن أبي سعيد بن المعلي قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أجبه ثم أتيته، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي فقال: "ألم يقل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ


(١) تفسير الطبري (٩/ ٢١٤).
(٢) البخاري (٤/ ١٧٣٤).
(٣) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي (١٠٣).
(٤) تفسير الرازي (١٥/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>