بمكارم الأخلاق في معاملة الزوجات، من صبر على ما قد يبدر منهن، أو تقصير في أداء واجباتهن، ومن حلم عن إيذائهن في القول أو الفعل، وعفو وصفح عن ذلك، ومن كرم في القول والبذل، ولين في الجانب، ورحمة في المعاملة، إلى غير ذلك مما تعنيه المكارم الأخلاقية التعاملية الأسرية.
الوجه السابع: الحكمة من عتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيان أنه حرامة وقربة وليس ذمًا.
أولًا: إن عتاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الوارد في القرآن الكريم، هو في الظاهر عتاب، وفي الحقيقة كرامة وقربة لله عز وجل، وتنبيه لغيرهم ممن ليس في درجتهم من البشر، بمؤاخذتهم بذلك، فيستشعرا الحذر، ويلتزموا الشكر على النعم، والصبر على المحن، والتوبة عند الزلة.
ثانيًا: أنَّ لله تعالى أن يعتب أنبياءه وأصفياءه، ويؤدبهم، ويطلبهم بالنقير والقطمير من غير أن يلحقهم في ذلك نقص من كمالهم، ولا غض من أقدارهم، حتى يتمحصوا للعبودية لله - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثًا: أنَّ غاية أقوال الأنبياء وأفعالهم التي وقع فيها العتاب من الله عز وجل لمن عاتبه منهم، أن تكون على فعل مباح، كان غيره من المباحات أولى منه في حق مناصبهم السنية.
رابعًا: المباحات جائز وقوعها من الأنبياء، وليس فيها قدح في عصمتهم ومنزلتهم، فهم لا يأخذون من المباحات إلا الضرورات، مما يتقون به على صلاح دينهم، وضرورة دنياهم، وما أخذ على هذه السبيل التحق طاعة، وصار قربة.
خامسًا: أنَّه ليس كل من أتى ما يلام عليه يقع لومة، فاللوم قد يكون عتابًا، وقد يكون ذمًا، فإن صح وقوع لومه، كان من الله عتابًا له لا ذمًا، إذ المعاتب محبور (أي مظنة للحبور، وهو السرور) والمذموم مدحور، فاعلم - رحمك الله - صحة التفرقة بين اللوم والذم قال الشاعر:
لعل عتبك محمود عواقبه ... فربما صحت الأجسام بالعلل
إذا ذهب العتاب فليس ود ... ويبقى الود ما بقى العتاب
سادسًا: أنَّ العتاب فيما قيل أنه عوتب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما كان على ما حَكَمَ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاجتهاد، والاجتهاد محتمل الخطأ، فكان تصحيح الخطأ في اجتهاده من