للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الخامس: ذكر ما قاله بعض أهل العلم من عدم التسليم بصحة ما جاء عن ابن مسعود في هذا الباب.]

قال ابن حزم: وَكُلُّ مما رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ من أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَأُمَّ الْقُرْآنِ لم تَكُنْ في مُصْحَفِهِ؛ فَكَذِبٌ مَوْضُوعٌ لَا يَصِحُّ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ عنه قِرَاءَةُ عَاصِمٍ عن زِرِّ بن حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ والمعوذتان (١).

قال النووي: أجمع المسلمون على أن المعوذتين، والفاتحة، وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئًا منه كفر، وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل، ليس بصحيح عنه (٢).

قال الفخر الرازي: الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل (٣).

ولكن هذا المسلك فيه نظر.

قال الحافظ: والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل؛ بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإن أراد استقراره فهو مقبول، وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي فقال: إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواترا في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإن قلنا: إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر ابن مسعود، لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة. وأجيب باحتمال أنه كان متواترا في عصر ابن مسعود لكن لم يتواتر عند ابن مسعود فانحلت العقدة بعون الله تعالى (٤).

* * *


(١) المحلى ١/ ١٣.
(٢) المجموع ٣/ ٣٩٦.
(٣) الفتح ٨/ ٧٤٣.
(٤) فتح الباري ٨/ ٧٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>