للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرآنية الفاتحة أدخل في البطلان وأغرق في الضلال، باعتبار أن الفاتحة أم القرآن، وأنها السبع المثاني، التي تثنى وتكرر في كل ركعة من ركعات الصلاة على لسان كل مسلم ومسلمة.

فإنه لا يجوز لمسلمٍ أن يَظُن خفاء قرآنية الفاتحة على ابن مسعود، فضلًا عن أن يَظُنَّ به إنكار قرآنيتها، وكيف يُظَن به ذلك، وهو من أشد الصحابة عناية بالقرآن، وقد أوصى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقراءة القرآن على قراءته.

عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: ذُكِرَ عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ" (١).

عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ الله، أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ بَيْنَ أَبِى بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَبْدُ الله يُصَلِّى فَافْتَتَحَ النِّسَاءَ فَسَحَلَهَا، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ". ثُمَّ تَقَدَّمَ يَسْأَلُ فَجَعَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "سَلْ تُعْطَهْ سَلْ تُعْطَهْ سَلْ تُعْطَهْ". فَقَالَ فِيمَا سَأَلَ اللهمَّ إني أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - في أَعَلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ. قَالَ: فَأَتَى عُمَرُ عَبْدَ الله لِيُبَشِّرَهُ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَهُ. فَقَالَ: إِنْ فَعَلْتَ لَقَدْ كُنْتَ سَبَّاقًا بِالْخَيْرِ (٢).

كما أن ابن مسعود - رضي الله عنه - من السابقين إلى الإسلام، ولم يزل يسمع النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بالفاتحة في الصلاة، ويقول: مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فهي خِدَاجٌ" (٣).

فكان سبب عدم كتابتها في مصحفه وضوح أنَّها من القرآن، وعدم الخوف عليها من الشك والنسيان، والزيادة والنقصان.

وقصارى ما نقل عنه أنه لم يكتبها في مصحفه، وهذا لا يدل على الإنكار (٤).


(١) البخاري (٣٨٠٨)، مسلم (٢٤٦٤).
(٢) حسن. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٧/ ١٨٤، وأحمد ١/ ٤٥٤، وأبو يعلى في مسنده (١٦)، وابن ماجه (١٣٨) من طرق عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش به. وانظر الصحيحة للألباني (٢٣٠١).
(٣) مسلم (٣٩٥).
(٤) مناهل العرفان ١/ ١٩٢، وانظر جمع القرآن محمد شرعي أبو زيد ١/ ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>