للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا نراه واضحًا في سيرة إبراهيم -عليه السلام- مع ولد إسماعيل في القرآن والسنة بل في كتب اليهود أيضًا ففي القرآن الشفقة عليه والدعاء له كما في سورة إبراهيم وكذلك من تخصيصه معه ومشاركته له في بناء البيت الحرام والدعاء عقب الانتهاء من البناء {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}، ومن السنة حيث كانت معاهدة إبراهيم -عليه السلام- في زيارة ولده وحديثه في الصحيح (١).

وأما في كتابهم فقد كان شغله هو إسماعيل فعندما بشر بإسحاق اغتنم الفرصة في الدعاء لإسماعيل بأن يكلأ الله إسماعيل برعايته، فاستجاب الله له، ووعده خيرًا في إسماعيل (التكوين ١٧/ ١٨).

يقول ابن القيم: إن إبراهيم -عليه السلام- إنما رزق إسحاق -عليه السلام- على الكبر وإسماعيل -عليه السلام- رزقه في عنفوانه وقوته والعادة أن القلب أعلق بأول الأولاد وهو إليه أميل وله أحب بخلاف من يرزقه على الكبر ومحل الولد بعد الكبر كمحل الشهوة للمرأة (٢).

[٤ - البكورية ثابتة لإسماعيل وإن نكرها أهل الكتاب]

وإذا كان قد ثبت من خلال نصوص أسفار اليهود والنصارى هذا التناقض الصارخ وذلك الاضطراب الفاضح فماذا يقولون وكيف يبررون إطلاق البكورية والواحدية على إسحاق دون إسماعيل عليهما السلام؟ .

يتعلل أهل الكتاب من اليهود والنصارى بحجة واهية ولكنهم تمسكوا بها انطلاقًا من عنصريتهم البغيضة وعصبيتهم المقيتة لإسحاق دون أخيه إسماعيل، ولنسل إسرائيل دون نسل إسماعيل، فهم يزعمون أن البكورية قد سقطت عن إسماعيل بسبب أن أمه كانت جارية فاعتبروا بذلك أن إسحاق هو البكر، ويكفي أن نرجع إلى سفر التثنية ليتبين لنا بطلان تلك الحجة التي استندوا إليها حيث يبين لنا أن كون إسماعيل ابن جارية كما


(١) البخاري (٣٣٦٤).
(٢) إغاثة اللهفان ٢/ ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>