للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المنتفع بها، أم كانت بمجرد سعي المتوسط. (١)

[الوجه الثاني: ثبوت الشفاعة بالقرآن الكريم.]

قال الله تعالى وقد أخبر أن الملائكة قالت لأهل الكفر: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} [المدثر: ٤٢ - ٤٨]. وقال الله - عز وجل - في أهل الكفر لما علموا أن الشفاعة لغيرهم: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [الأعراف: ٥٣]، وقال - عز وجل -: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)} [الشعراء: ٩٤ - ١٠١].

قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: فوالله لقد شهدت تنزيل هذا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد شهدت تأويله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الشفاعة في كتاب الله - عز وجل - لمن عقل، قلنا وأين الشفاعة؟ قال الله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)}. (٢)

وقال تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤)} [الزمر: ٤٤]، والمعنى أنه تعالى مالك الشفاعة كلها لا يستطيع أحد شفاعة إلا أن يكون المشفوع مرتضى والشفيع مأذونًا له وكلاهما مفقودان ههنا.

واستُدِلَّ بهذه الآية على وجود الشفاعة في الجملة يوم القيامة؛ لأن الملك أو الاختصاص الذي هو مفاد اللام هنا يقتضي الوجود فالاستدلال بها على نفي الشفاعة مطلقًا في غاية الضعف (٣).


(١) التحرير والتنوير (١/ ٤٨٦).
(٢) الشريعة (٣/ ١٢٠١).
(٣) روح المعاني (٢٤/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>