للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فحقوق العلماء علينا كثيرة نذكر منها الآتي:

الحق الأول: أن نحفظ مكانتهم، ونتأدب معهم: فالتأدب مع العلماء من تعظيم العلماء تعظيم لشعائر الله وقد قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢]، والشعيرة: هي كل ما أشعر الله بتعظيمه من أعلام الدين وتوقير حملته وحماته فهذا من توقير الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وقد قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: ١٣]، قال سعيد بن جبير: "ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته". (١)

وهذه جملة من الآداب التي ينبغي أن نتحلى بها مع العلماء: ليكن شيخك محلَّ إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف، فخذ بمجامع الآداب مع شيخك فيجلوسك معه، والتحدث إليه، وحسن السؤال والاستماع وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ومع الكتاب، وترك التطاول والمماراة أمامه، وعدم التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك، أو الإلحاح عليه في جواب، متجنبا الإكثار من السؤال، لاسيما مع شهود الملأ، فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل.

ولا تناده باسمه مجردًا، أو مع لقبه كقولك: يا شيخ فلان! بل قل: يا شيخي أو شيخنا! فلا تسمه، فإنه أرفع في الأدب ولا تخاطبه بتاء الخطاب، أو تناديه من بعد من اضطرار، وانظر ما ذكره الله تعالى من الدلالة على الأدب مع معلم الناس الخير - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] والتزم توقير المجلس، وإظهار السرور من الدرس والإفادة به، وإذا بدا لك خطأ من الشيخ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك، فإنه سبب لحرمانك من علمه، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالمًا؟ ). (٢)

وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: "إن من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال ولا تعنته في الجواب وأن لا تلح عليه إذا كسل ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ولا نفشين له سرًّا ولا


(١) حرمة أهل العلم (١٩٧) تأليف (محمد إسماعيل المقدم).
(٢) المجموعة العلمية، تأليف بكر أبو زيد صـ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>