السالف، وها أنا أوضح كيف بدل وحرف اليهود والنصارى في هذه الشعيرة التي لم تصبح عبادة؛ وإنما صارت عادة نظمها لهم أحبارهم ورهبانهم على حسب الأهواء لنعلم أن الشريعة الإسلامية هي المنهج الأسمى للبشر.
[٢ - الحج عند اليهودية (العهد القديم)]
لو أننا يممنا وجوهنا شطر شعيرة الحج في اليهودية والنصرانية لتبين لنا بوضوح الفروق الجوهرية بين الشعيرة في الرسالات الثلاث بل لا نغالي إذا قلنا: إن الحج كشعيرة لا وجود له في اليهودية والنصرانية المحرفتين، فليس في اليهودية حج بالمعنى الذي يسبق إلى الذهن، وإنما هو مجرد أعياد مرتبطة بمواسم الحصاد. فيتعين على كل يهودي أن يحج ثلاث مرات في العام إلى القدس (عيد الفصح، وعيد الأسابيع، وعيد المظال) ولذا تسمى الأعياد (أعياد الحج)، وهذا ما جاء في سفر الخروج، (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تُعَيِّدُ لِي فِي السَّنَةِ. ١٥ تَحْفَظُ عِيدَ الْفَطِيرِ. تَأْكُلُ فَطِيرًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَمَرْتُكَ فِي وَقْتِ شَهْرِ أَبِيبَ، لأَنَّهُ فِيهِ خَرَجْتَ مِنْ مِصْرَ. وَلَا يَظْهَرُوا أَمَامِي فَارِغِينَ. ١٦ وَعِيدَ الْحَصَادِ أَبْكَارِ غَلَّاتِكَ الَّتِي تَزْرَعُ فِي الْحَقْلِ. وَعِيدَ الْجَمْعِ فِي نِهَايَةِ السَّنَةِ عِنْدَمَا تَجْمَعُ غَلَّاتِكَ مِنَ الْحَقْلِ. ١٧ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ يَظْهَرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ السَّيِّدِ الرَّبِّ). خروج (٢٣/ ١٧: ١٤)، ويراجع سفر التثنية (١٦/ ١٧: ١).
وكان اليهود يقدمون في حجهم قربانًا مشويًا للهيكل (الشواء) حيث كان يحرق تمامًا، فلا يبقي منه شيء للكهنة، وكان اليهود يحجون إلى مكان غير القدس يسمى (شيلوه)، وحين دخل داود القدس أصبحت مكانًا للعبادة الإسرائيلية والمكان الذي إليه أعضاء جماعة إسرائيل، وقد أسس ملوك المملكة الشمالية هيكلًا حتى لا يحج أحد منها إلى القدس في المملكة الجنوبية، وبعد هد الهيكل توقف الحج وبخاصة في عيد المظال (١).
[٣ - الحج في المسيحية (العهد الجديد)]
ما قيل في اليهودية يقال في المسيحية فليس في المسيحية الحالية شعيرة يمكن أن يطلق عليها اسم الحج كما هو الحال في شعيرة الحج في الإسلام في كمالها وشمولها ووضوحها.
(١) موسوعة اليهود واليهودية د/ عبد الوهاب المسيري (١/ ٤١٢: ٤١١). شبهات المستشرقين/ ناصر محمد السيد (٣٩٣: ٣٨٣).