للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة.

وله واجبات وسنن ومحظورات وضحت كتب السنة كل ذلك.

وقد حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، ورواها لنا مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.

هذا والحج كان قديمًا قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي دعوة إبراهيم - عليه السلام - حيث أمره الله بالآذان بالحج، قال سبحانه: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)} [الحج: ٢٧]، فكان في شريعة إبراهيم - عليه السلام -، هذا وكانت مناسك الحج معروفة قديمًا على عهد الأنبياء قبل نبينا - صلى الله عليه وسلم -. ففي حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِوَادِي الْأَزْرَقِ، فَقَالَ: "أَيُّ وَادٍ هَذَا؟ فَقَالُوا هَذَا وَادِي الْأَزْرَقِ. قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى - عليه السلام - هَابِطًا مِنْ الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى الله بِالتَّلْبِيَةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى فَقَالَ: أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟ قَالُوا ثَنِيَّةُ هَرْشَى قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى - عليه السلام - عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ وَهُوَ يُلَبِّي" (١).

وأهل قريش كانوا يحجون استنادًا إلى ملة إبراهيم غير أنهم كانوا يشركون فكانوا يطوفون عراة يصفقون ويصفرون كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٣٥]، ولذلك أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر في الحجة التي أمّره عليها قبل حجة الوداع أن يؤذن في الناس يوم النحر"لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ" (٢). وكانوا يلبون لكن كانوا يشركون بالله في التلبية كما عند مسلم من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "كَانَ المُشْرِكُونَ يَقُولُونَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَيْلَكُمْ قَدْ قَدْ فَتقُولُونَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ" (٣).

إلى غير ذلك مما يحدث من أمور الشرك، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليوضح لهم شريعة الله في الحج فتعلم الصحابة ونقلوا هذه الشعيرة إلينا كما تعلموها وهكذا ينقلها الخالف عن


(١) أخرجه مسلم (١٦٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٢٢)، ومسلم (١٣٤٧).
(٣) أخرجه مسلم (١١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>